والغزو، يقول شمعلة بن الأخضر بن هبيرة في فرسه الشقراء:
نولّيها الحليب إذا شتونا ... على علاّتنا ونلي السّمارا
رجاء أن تؤديه إلينا ... من الأعداء غصبا واقتسارا (١)
ومثله قول خالد بن جعفر بن كلاب في فرسه حذفة:
أسوّيها بجاري أو بجزء ... وألحفها ردائي في الجليد
وأوصي الراعيين ليغبقاها ... لها لبن الخلية والصّعود
لعل الله يفردني عليها ... جهارا من زهير أو أسيد (٢)
ولم يكن اهتمامهم بأنسابها لصيانة صفاتها المتوارثة-بأقل من عنايتهم بها، حتى كان حفظ أنسابها من الأمور التي قلّ أن يجهلها فيهم أحد، لا يقتصرون في ذلك على معرفة الآباء خاصة، كما هو شأنهم في أنسابهم، بل إن اهتمامهم بأمهات الخيل لا يقل عنه في الآباء لما لهنّ من دور في نقل صفاتهن المحمودة كذلك إلى الأبناء. وأخبار ذلك مستفيضة في أسفار التراث العربي، من ذلك ما أورده الجاحظ فقال:
«قاد عيّاش بن الزبرقان بن بدر إلى عبد الملك بن مروان خمسة وعشرين فرسا، فلما جلس لينظر إليها، نسب كل فرس منها إلى جميع آبائه وأمهاته، وحلف على كل فرس بيمين غير اليمين التي حلف بها على الفرس الآخر. . فقال عبد الملك بن مروان: عجبي من اختلاف أيمانه أشد من عجبي من معرفته بأنساب الخيل» (٣). علما بأن عياشا هذا رجل عادي ولم يكن من العلماء المختصين المنقطعين كالأصمعي مثلا.
_________
(١) ابن الأعرابي ص ٦٠ والسّمار من اللبن ما كان ثلاثة أرباعه من الماء.
(٢) أنساب الخيل ص ٦٦.
(٣) البيان والتبيين ١/ ٣٠٥.
1 / 20