هو فقط لاجل هذه الحياة الحيوانية واشباع الشهوات التي نشترك فيها مع الحيوانات ، ام ان هناك هدفا وغاية اخرى ؟
هل ان للانبياء الكرام ، والاولياء العظام ، والحكماء الكبار ، وعلماء كل امة الذين يدعون الناس الى حكم العقل والشرع ويحذرونهم من الشهوات الحيوانية ومن هذه الدنيا البالية ، عداء ضد الناس ام انهم كانوا مثلنا لا يعلمون طريق صلاحنا نحن المساكين المنغمسين في الشهوات ؟! .
ان الانسان اذا فكر للحظة واحدة ، عرف ان الهدف من هذه النعم هو شيء آخر ، وان الغاية من هذا الخلق ، اسمى واعظم وان هذه الحياة الحيوانية ليست هي الغاية بحد ذاتها ، وان على الانسان العاقل ان يفكر بنفسه ، وان يترحم على حاله ونفسه المسكينة ؛ ويخاطبها : ايتها النفس الشقية التي قضيت سنين عمرك الطويلة في الشهوات ولم يكن نصيبك سوى الحسرة والندامة ، ابحثي عن الرحمة ، واستحي من مالك الملوك ، وسيري قليلا في طريق الهدف الاساسي المؤدي الى حياة الخلد والسعادة السرمدية ، ولا تبيعي تلك السعادة بشهوات ايام قليلة فانية ، التي لا تتحصل حتى مع الصعوبات المضنية الشاقة . فكري قليلا أحوال أهل الدنيا والسابقين ، وتاملي متاعبهم وآلامهم كم هي اكبر واكثر بالنسبة الى هنائهم ، في نفس الوقت الذي لا يوجد فيه هناء وراحة لاي شخص .
ذلك الذي يكون في صورة الانسان ولكنه من جنود الشيطان واعوانه ، والذي يدعوك الى الشهوات ، ويقول : يجب ضمان الحياة المادية ، تامل قليلا في حال نفس ذلك الانسان واستنطقه ، وانظر هل هو راض عن ظروفه ، ام انه مبتل ويريد ان يبلي مسكينا آخر ؟! .
وعلى اي حال ؛ فادع ربك بعجز وتضرع ان يعينك على اداء واجباتك التي ينبغي ان تكون اساس العلاقة فيما بينك وبينه تعالى ، والامل ان يهديك هذا التفكير المقترن بنية مجاهدة الشيطان والنفس الامارة الى طريق آخر ، وتوفق للترقي الى منزلة اخرى من منازل المجاهدة .
فصل: في العزم
وهناك مقام آخر يواجه الانسان المجاهد بعد التفكر ، وهو مقام العزم (وهذا هو غير الارادة التي عدها الشيخ الرئيس في الاشارات اولى درجات العارفين) . يقول احد مشايخنا اطال الله عمره : «ان العزم هو جوهر الانسانية ، ومعيار ميزة الانسان ، وان اختلاف درجات الانسان باختلاف درجات عزمه» .
पृष्ठ 24