अराम दिमश्क और इस्राइल
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
शैलियों
ولدينا نص قصير آخر خارج الحوليات المختصرة وجد على ختم أسطواني للملك شلمنصر يذكر حملة ملاحة: «غنيمة معبد شارو من مدينة ملاحة - المسكن الملكي لحزائيل ملك إميريشو - التي جلبها شلمنصر بن آشور ناصر بال.»
16
بعد آخر هذه الحملات عقب عام 837 ق.م. أقلع شلمنصر الثالث نهائيا عن مشروع إخضاع دمشق، وصرف نظره عن مناطق غربي الفرات. ولمدة ثلاثين سنة تلت ذلك، لم يظهر أي جيش آشوري في المنطقة. فبعد وفاة شلمنصر الثالث عام 824 ق.م.، بعد فترة حكم مديد دامت 34 سنة، نشبت نزاعات داخلية بين ورثة العرش، وانشغل الآشوريون بالحروب ضد المناطق الشرقية لحكمهم. وقد أطلق هذا الوضع الجديد يد حزائيل في مناطق نفوذه التقليدية، وبدأ بإعادة ترتيب شئون المنطقة استعدادا لأية مواجهة مقبلة مع آشور. تفرغ ملك دمشق أولا لعقاب ياهو ملك إسرائيل بسبب موقفه المخزي من آشور وخيانته لدمشق ، وبعد أن ضمن خضوع إسرائيل له قام ببسط سلطته على كامل الأراضي الفلسطينية ووصلت قواته حتى مدينة جت على الساحل الفلسطيني. وأخبارنا عن هذه الفترة مصدرها الوحيد سفر الملوك الثاني، لأن النصوص الآشورية بقيت صامتة تماما عما يجري في مناطق غربي الفرات، وذلك حتى عام 810ق.م.
المناطق الواقعة تحت نفوذ حزائيل في سوريا الجنوبية وفلسطين.
نقرأ في سفر الملوك ما يأتي: «ولكن ياهو لم يتحفظ على السلوك في شريعة الرب إله إسرائيل من كل قلبه ... في تلك الأيام ابتدأ الرب يقص إسرائيل، فضربهم حزائيل في تخوم إسرائيل جميعها من الأردن لجهة مشرق الشمس ... واضطجع ياهو مع آبائه فدفنوه في السامرة، وملك ابنه يهوأحاز عوضا عنه. وكانت الأيام التي ملك فيها ياهو على إسرائيل في السامرة ثمانيا وعشرين سنة» (الملوك الثاني، 10: 31-36). ثم «ملك يهوأحاز بن ياهو على إسرائيل في السامرة سبع عشرة سنة. وعمل الشر في عيني الرب ... فحمي غضب الرب على إسرائيل، فدفعهم ليد حزائيل ملك آرام وليد بنهدد بن حزائيل كل الأيام ... لم يبق ليهوأحاز شعبا إلا خمسين فارسا وعشرة آلاف راجل وعشر مركبات، لأن ملك آرام أفناهم ووضعهم كالتراب للدوس ... ثم اضطجع يهوأحاز مع آبائه فدفنوه في السامرة، وملك يوآش ابنه عوضا عنه» (الملوك الثاني، 13: 1-9). بعد ضمان تبعية إسرائيل، التي تشكل القوة الرئيسية في منطقة فلسطين، شق حزائيل طريقه نحو مدن فلستيا فضمن ولاءها، ثم انقلب نحو الداخل إلى أورشليم التي أعلن ملكها ولاءه لدمشق قبل وصول قواتها أطراف أورشليم: «حينئذ، صعد حزائيل ملك آرام وحارب جت وأخذها، ثم حول وجهه ليصعد إلى أورشليم. فأخذ يهوآش ملك يهوذا الأقداس جميعها التي قدسها آباؤه ملوك يهوذا، وأقداسه. والذهب الموجود في خزائن بيت الرب وبيت الملك كله، وأرسلها إلى حزائيل ملك آرام، فصعد عن أورشليم» (الملوك الثاني، 12: 17-18).
لا يوجد لدينا سبب للشك في صحة هذه الرواية التوراتية عن حروب حزائيل في شرقي الأردن وفلسطين؛ لأن مثل هذه الحروب كانت متوقعة بعد غياب آشور المؤقت عن المنطقة. فلقد أخلى حزائيل منطقة شمال شرقي الأردن من القوات الإسرائيلية، ودفع هذه القوات بعد أن أضعفها إلى السامرة، التي لم يكن راغبا في فتحها، بل في تحييدها أو كسبها إلى جانبه في أي صراع قريب محتمل مع آشور. ثم أكد بعد ذلك سيطرته على المناطق الساحلية والداخلية في مرتفعات يهوذا، فأمن بذلك سلامة الطرق التجارية الحيوية جميعها بالنسبة لمملكة دمشق. ولسوف نجد بعد سنوات قليلة أن ابنه بنهدد يمارس السياسة نفسها في المناطق الشمالية، مما تصفه لنا بعض النصوص الآرامية المعاصرة للحدث.
لا نعرف على وجه التحديد تاريخ موت الملك حزائيل، ولكننا إذا قبلنا الخبر التوراتي الوارد في سفر الملوك الثاني (13: 22-25) يمكن أن نضع موت حزائيل حوالي العام 800ق.م. لأننا نستشف من الخبر أن الملك حزائيل والملك يهوأحاز قد توفيا في وقتين متقاربين، ولما كانت وفاة يهوأحاز تقع حوالي عام 798ق.م. فإن موت حزائيل يمكن أن يوضع قبل ذلك بعام أو عامين. فالخبر التوراتي يقول: «وأما حزائيل ملك آرام فقد ضايق إسرائيل كل أيام يهوأحاز ... ثم مات حزائيل وملك بنهدد ابنه عوضا عنه. فعاد يهوآش بن يهوأحاز وأخذ المدن من يد بنهدد بن حزائيل، التي أخذها من يده يهوأحاز أبوه بالحرب. ضربه يوآش ثلاث مرات واسترد مدن إسرائيل» (الملوك الثاني، 13: 22-25). (3) عصر بنهدد بن حزائيل
ارتقى بنهدد بن حزائيل عرش دمشق حوالي عام 800ق.م. في وقت بدأت فيه أوضاع آشور الداخلية بالاستقرار. فقد ولي عرش آشور الملك أدد نيراري الثالث بن شلمنصر، بعد فترة اضطرابات تخللت حكم أخيه شمسي هدد الخامس، وأخذ بالاستعداد لغزو بلاد الشام. ويبدو أن ملك إسرائيل يهوآش
17
قد استبشر خيرا بقدوم الملك الآشوري، وفكر بإعادة تبعية بلاده إلى آشور، فقام بمحاولة لاسترداد المناطق التي بسط عليها حزائيل سلطته المباشرة في شمال شرقي الأردن وشمال إسرائيل. ولكن بنهدد حاربه على رأس تحالف ضم اثنين وثلاثين ملكا كما تقول الرواية التوراتية في الملوك الأول 20، وكنا قد برهنا سابقا على أن الحروب الثلاثة الموصوفة في سفر الملوك الأول بين بنهدد ملك دمشق وآخاب ملك إسرائيل يجب أن يكون موضعها في سفر الملوك الثاني، وأن تكون قد جرت بين بنهدد بن حزائيل وخلفاء ياهو المدعوين يهوأحاز ويوآش. وبما أن يهوأحاز قد توفي في وقت صعود بنهدد عرش دمشق تقريبا، فإن معظم حروب بنهدد الإسرائيلية يجب أن تكون موجهة ضد يوآش. وأما خبر سفر الملوك الثاني، الذي أوردناه منذ قليل عن قيام يوآش بضرب بنهدد بن حزائيل ثلاث مرات واستعادة المدن المسلوبة منه، فلا يمكن تصديقه اعتمادا على مجريات الأحداث اللاحقة؛ لأن بنهدد بعد قتاله لإسرائيل ما يلبث أن يظهر في مناطق الشمال السوري على رأس تحالف يضم أقوى الممالك الشمالية في ذلك الوقت، الأمر الذي يدل على أن ملك دمشق الجديد قد بقي سيدا لمناطق غربي الفرات مثلما كان أبوه حزائيل.
अज्ञात पृष्ठ