والأعصاب التي للحس والتي للحركة ، لما كانت أرضية بالطبع ، سريعة القبول للجفاف ، كانت تحتاج إلى أن تبقى رطبة إلى لدانة مواتية للتمدد والتقاصر. و(لما) كانت أعصاب الحس محتاجة مع ذلك إلى الروح الغريزي الذي ليست فيه دخانية أصلا و(لما) كان الروح الغريزي السالك في أجزاء الدماغ هذه حاله ، و(لما) كان القلب مفرط الحرارة ناريها ، لم تجعل مغارزها التي بها تسترفد ما يحفظ قواها في القلب ، لئلا يسرع الجفاف إليها فتتحلل وتبطل قواها وأفعالها ، جعلت مغارزها في الدماغ وفي النخاع لأنهما رطبان جدا ، لتنفذ من كل واحد منهما في الأعصاب رطوبة تبقيها على اللدونة ، وتستبقي بها قواها النفسانية ، فبعض الأعصاب يحتاج فيها إلى أن تكون الرطوبة النافذة فيها مائية لطيفة غير لزجة أصلا ، وبعضها محتاج فيها إلى لزوجة ما. فما كان منها محتاجا إلى مائية لطيفة غير لزجة ، جعلت مغارزها في الدماغ؛ وما كان منها محتاجا فيها مع ذلك إلى أن تكون رطوبتها فيها لزجة ، جعلت مغارزها في النخاع؛ وما كان منها محتاجا فيها إلى أن تكون رطوبتها قليلة ، جعلت مغارزها أسفل الفقار والعصعص .
ثم بعد الدماغ الكبد ، وبعده الطحال ، وبعد ذلك أعضاء التوليد ، وكل قوة في عضو كان شأنها أن تفعل فعلا جسمانيا ينفصل به من ذلك العضو جسم ما ويصير إلى آخر ، فإنه يلزم ضرورة ، إما أن يكون ذلك الآخر متصلا بالأول ، مثل اتصال كثير من الأعصاب
पृष्ठ 90