139

ووحي الخمسين هو وحي هذه الفضيلة، أو هو وحي الملك الخالص لا يعتمد على الاستعارة، ولا يقوى على الإسراف في انتظار التعويض من الوارد الجديد ...

إذ الوارد الجديد قليل ...

إذا جاء الوارد الجديد فقلما يتسع الوقت لتصريفه وإعادة تثميره، وقلما يكون له موضع إلا أن يضاف إلى ما قبله، كل باب إلى بابه وكل نظير إلى نظيره ...

وحي الغنى المحسوب، وليس هو بوحي الغنى بغير حساب، أو هو التدبير وليس هو بوحي التجميع والازدياد.

ذلك هو وحي الخمسين الذي يرتقي إلى ذروة السلم، ثم يقف حيث لا يطول الوقوف.

ومن أمثلة كثيرة بين أصحاب الوحي - وأصحاب الوحي هنا هم المنتجون في عالم الذوق والتفكير - نرى أن ثمرات الخمسين بين الفلاسفة والشعراء، وأرباب الفنون تضارع خير الثمرات في سائر الأعمار ...

ولا يبدو هذا عجيبا في الكلام على الفلسفة والمذاهب الفكرية؛ لأن الفلسفة حكمة، والحكمة مقرونة في الأذهان بالشيخوخة وتقدم العمر، وزيادة التجربة والروية.

ولكنه يبدو عجيبا حين نتكلم عن الشعر والفنون؛ لأن الشعر والفنون جمال، والجمال مقرون في الأذهان بالشباب وصحوة العمر، وقد يكون مقرونا إلى حد كبير بالغرارة، وقلة النصيب من التجربة والروية.

وهنا وهم يجب الالتفات إليه.

إذ يجب التفريق بين الجمال وتقدير الجمال، ويجب التفريق بين تقدير الجمال، والتعبير عن تقديره.

अज्ञात पृष्ठ