अमीरा धात हिम्मा
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
शैलियों
وما إن تواترت الأخبار داخلها بوصول البطرق المنتصر بأسرى المسلمين حتى زينت الأسواق والساحات والمباني والقصور والدواوين العامة، وصدحت الفرق الموسيقية، وعلت أغاني النصر والانتصار على العرب والمسلمين، وتدافع تجار القسطنطينية فدفعوا أموالهم وممتلكاتهم في شراء
فضربت الطبول والمزامير، وسكبت الخمور أنهارا، وتوافدت الوفود من بقية المدن والعواصم والأقطار المشاركة بجنودها ووحداتها في تلك الحرب المستعرة، حتى تحولت القسطنطينية وما يتبعها من مدن إلى يوم الحشر ذاته، وذلك من كثرة الخلق من مختلف الأجناس الذين تجمهروا وركبوا كل صعب؛ ليشهدوا بأعينهم الآلاف المؤلفة من الأسرى العرب يرسفون في أصفادهم وقيودهم وسلاسل سبيهم، وهم يتحركون منكسين هاماتهم في خزي وعار، في يوم النصر العظيم ذاك الذي صادف الاحتفال البهيج به أيام أعيادهم وكرنفالاتهم الموسمية. وهي الأعياد الكبيرة الكفيلة وحدها باجتذاب آلاف الوفود من مختلف أقطار أوروبا مشرقا ومغربا، ما بين روم وقوط وإسبانيين وبرتغاليين ومجريين وسلاف وقبارصة ويونانيين وبنادقة وغاليين وأصراب، ومختلف الأقوام والأقطار والألسن والأزياء والأقنعة والخمور والزينات.
وتواترت إلى الجميع أخبار الانتصارات التي تحرزها الجيوش الرومية المتحالفة، والتي تضم الأزواج والإخوة والأحباء وأبناء العم، والتي واصلت زحفها وتقدمها إلى عاصمة المسلمين محاصرة بغداد ذاتها.
ثم ها هي البشائر من أسراب الأسرى العرب وسبيهم وأموالهم، وكنوز الشرق الباهرة تزحم عاصمتهم القسطنطينية مع أيام التنكر والكرنفالات السنوية.
على هذا النحو تواترت الأخبار والأقوال، وتقاطرت الوفود، وزينت المدينة بأسرها كمثل عروس لحظة زفافها: يا له من يوم!
وهكذا سرت الخمور لتلهب الحلم السلفي الكبير أنهارا.
وفتحت أبواب الكنيسة الكبرى الشهيرة بالعاصمة القسطنطينية على مصراعيها، وازدانت بالقناديل الذهبية المرصعة بالجواهر، وبالصلبان المذهبة الحمراء، والآلاف المؤلفة من ستائر الحرير الأخضر، وتدافع القساوسة والشمامسة والرهبان والبطارقة يصدحون بالتراتيل وبأيديهم مباخر الذهب والفضة والجوهر؛ شكرا للنصر العظيم الذي أحرزوه أخيرا على عرب الشرق.
ورغم تنكر ذات الهمة على هيئة امرأة بدوية تزحف مولولة في حجلاتها على أربعة مع بقية الأسرى، بينما السياط تلهب ظهرها الضامر، إلا أنها انشغلت من فورها بإعداد خطتها وحركة جيشها المتنكر، فكانت توزع فيالقها وكتائبها عبر الجهات الأربع، فقالت لسعيد بن الفرج: خذ عشرة آلاف فارس واتجه نحو وادي البنت شرقا، وأقم فيه باتجاه الغرب إلى حين وصول الملك مانويل من العراق، فإذا وقع بيننا وبينهم القتال؛ فاخرج عليهم من اليمين.
ثم زحفت إلى أن قاربت قائد الكتائب السودانية سملق وامرأته: خذ عشرة آلاف فارس من العرب والسودانيين واكمنوا خلف الجبل وشعاب التلال المحيطة، وحين تقع المعارك اخرجوا شمالا.
وقاربت في أطوار بكائها ونحيبها القائد الفلسطيني بستان بن حوران، ليخرج بعشرة آلاف من بني كليب وتغلب، قائلة: عليكم بضرب الحصى والنشاشيب، وعليكم باليقظة في أموركم، وإذا ما التحمت المعارك احملوا من خلف ظهورهم؛ الفيلق بعد الآخر حسب التتابع المتفق عليه مع حوران.
अज्ञात पृष्ठ