204

وقال ابن هشام في سيرته: بعث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- عمرو بن أمية الضمري إلى (مكة) ليقتل أبا سفيان، وبعث معه حار بن صخر الأنصاري، فخرجا حتى قدما (مكة) وحبسا جمليهما بشعب من شعاب ياجح، ثم دخلا (مكة) ليلا قال عمرو: فبينا نحن نمشي بمكة إذ نظر إلي رجل من أهل (مكة) فعرفني، فقال عمرو بن أمية: والله إن قدمها إلا لشر، فقلت لصاحبي: النجا، فخرجنا نشتد حتى صعدنا في جبل، وخرجوا في طلبنا، حتى إذا علونا الجبل يئسوا منا، فرجعنا فدخلنا كهفا في الجبل وقد أخذنا حجارة فرضمناها(1) دوننا، فلما أصبحنا غدا رجل من قريش يقود فرسا له ويجتلي عليها فغشينا ونحن في الغار، فقلت: إن رآنا صاح بنا فأخذنا فقتلنا، قال: ومعي خنجر قد أعددته لأبي سفيان، قال: فأخرج إليه فاضربه ضربة على ثديه(2) فصاح صيحة أسمع أهل (مكة) وأرجع فأدخل مكاني، وجاءه الناس يشتدون وهو بآخر رمق، فقالوا له: من ضربك، فقال: عمرو بن أمية الضمري، وغلبه الموت فمات [مكانه](3)، ولم يدلل(4) على مكاننا، فاحتملوه، فقلت لصاحبي لما أمسينا: النجا، فخرجنا [ليلا](5) من (مكة) نريد (المدينة)، فمررنا بالحرس وهم يحرسون جيفة خبيب بن عدي، فقال أحدهم: والله، ما رأيت كالليلة أشبه بمشية عمرو بن أمية، لولا أنه بالمدينة لقلت هو عمرو بن أمية، فلما حاذا الخشبة شد عليها فأخذها، واحملها وخرجوا ورأه حتى أتى(6) جرف بمهبط مسيل ياجح، فرمى بالخشبة في الجرف فغيبه الله عنهم فلم يقدروا عليه، قال: ومضيت حتى أخرج على صحيان(7)، ثم أويت إلى جبل فأدخل كهفا، فبينا أنا فيه دخل علي شيخ من بني الديل أعور في غنيمة، له فقال: من الرجل؟

فقلت: من بني بكر، فمن أنت؟

قال: من بني بكر، فقلت: مرحبا، فاضطجع فرفع عقيرته فقال:

पृष्ठ 206