فالمؤمن العالم العاقل يخاف على دينه من الجدل والمراء. فإن قال قائل: فما يصنع في علم قد أشكل عليه؟ قيل له: إذا كان كذلك , وأراد أن يستنبط علم ما أشكل عليه , قصد إلى عالم ممن يعلم أنه يريد بعلمه الله , ممن يرتضى علمه وفهمه وعقله , فذاكره مذاكرة من يطلب الفائدة وأعلمه أن مناظرتي إياك مناظرة من يطلب الحق , وليست مناظرة مغالب , ثم ألزم نفسه الإنصاف له في مناظرته , وذلك أنه واجب عليه أن يحب صواب مناظره , ويكره خطأه , كما يحب ذلك لنفسه , ويكره له ما يكره لنفسه , ويعلمه أيضا: إن كان مرادك في مناظرتي أن أخطئ الحق , وتكون أنت المصيب ويكون أنا مرادي أن تخطئ الحق وأكون أنا المصيب , فإن هذا حرام علينا فعله , لأن هذا خلق لا يرضاه الله منا , وواجب علينا أن نتوب من هذا. فإن قال: فكيف نتناظر؟ قيل له: مناصحة , فإن قال: كيف المناصحة؟ أقول له: لما كانت
पृष्ठ 60