أجنحة المكر الثلاثة
أجنحة المكر الثلاثة
प्रकाशक
دار القلم
संस्करण
الثامنة
प्रकाशन वर्ष
١٤٢٠ هـ - ٢٠٠٠ م
प्रकाशक स्थान
دمشق
शैलियों
ولم يقتصر أعداء الإسلام على أن يبقى الخلاف السياسي مهما اتسع ضمن حدوده السياسية، بل عملوا على أن ينقلوه من دائرة خلاف سياسي يطويه الزمن، إلى خلاف اعتقادي وديني تتوارثه الأجيال، ويأخذ مع الزمن صبغة خلاف طائفي يستعصي دفعه، ويتعذر رفعه، وذلك إمعانًا منهم في متابعة مكرهم بالإسلام والمسلمين.
ومن آثار هذه الخطة الماكرة بدأ الخلاف بين مستحقي الخلافة من آل البيت، وبين الظافرين بالحكم من الأمويين، ولقد كان من الممكن أن تضيق دائرة هذا الخلاف، ويتجه المسلمون كلهم إلى واجبات نشر الإسلام في الأرض، ولكن أصابع الفتنة المندسة لم تدع الجرح السياسي يلتئم، وإنما عملت على أن تغذيه باستمرار بجراثيم الإفساد، وتحشد مندسيها في كل من أنصار الفريقين المتنازعين، كي يعمل هؤلاء المندسون على إغراء الجهة التي يظهرون الولاء لها بالإفراط في عداوة الجهة الأخرى، وقتالها والانتقام منها، وما زالوا يعمقون هذا الخلاف السياسي حتى جعلوه خلافًا في أصل العقيدة الدينية، الأمر الذي تولد عنه خلاف آخر في المذاهب الفقهية، ومع رغبتهم الشديدة بتعميق الخلاف، وتوسيع الشقة، عملوا على تغيير ما استطاعوا تغييره من أسس ليس من شأنها أن يكون فيها تنازع أو خلاف مطلقًا، ولكن المكيدة المبيتة كانت ترمي إلى تمزيق وحدة المسلمين، وطعن الإسلام في الصميم، لذلك كان جنودها يعملون في الخفاء عملًا دائبًا لتحقيق هذه الغاية.
ولما استطاعوا أن يصلوا إلى التلاعب بالأسس نشط زبانيتهم في استحداث الفرق الكثيرة، ضمن الجهة التي ظفروا بأن تكون واثقة بهم، وأخذوا يشققونها، ومع كل تشقيق جديد توغل في الانحراف عن العقيدة الإسلامية، حتى استطاعوا أن يصلوا في بعض أطراف التشقيق إلى مرتدين عن كل العقيدة الإسلامية، كافرين بكل ما جاء فيها، أكثر ولاء لغير المسلمين منهم للمسلمين الذين يزعمون أنهم فرقة منهم.
الطائفي لما كان عليه الآباء والأجداد.
ومهمة الإصلاح اليوم يتحملها القادة المصلحون الصادقون في جميع الفرق، فيجب عليهم أن يبصروا أتباعهم بالحقيقة، لينقذوا أنفسهم من الكيد المدبر لهم ولغيرهم على السواء، وإنها لمسؤولية كبيرة ملقاة عليهم، سيُسألون عنها بين يدي الله يوم القيامة، وسيحاسبون على تقصيرهم فيما يجب عليهم تجاه ربهم، وتجاه دينهم، وتجاه الأمة الإسلامية التي مزقتها دسائس الأعداء.
ولو عرفت هذه الفرق المنشقة أنها وقعت في فخ أعداء الإسلام من حيث لا تشعر، وانحرفت بتأثير ألاعيبهم الماكرة المقنعة، لاهتدى كثيرون منها إلى
1 / 312