अहमद कुराबी ज़ाचिम मुफ़्तारा कालयहि

महमूद खफीफ d. 1380 AH
111

अहमद कुराबी ज़ाचिम मुफ़्तारा कालयहि

أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه

शैलियों

أشار إلى ذلك روثستين في كتابه بعد أن أشار إلى احتجاج ضباط الجيش ورؤساء الشرطة في الإسكندرية على الخديو بقوله: «وسرعان ما وصل نبأ هذا الاحتجاج إلى أهل القاهرة، فقام إلى الخديو وفد مؤلف من رؤساء الأديان المختلفة، علماء الإسلام، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود، وطلب إعادة عرابي وزملائه، فكان ذلك مظهرا من مظاهر إرادة الأمة غير متوقع بالمرة ... وعندما قدم سلطان باشا على الخديو مهرولا يكاد يقتله الخوف، وتوسل إليه أن يرجع النظار إلى مناصبهم وإلا كانت حياته في خطر، نقول عند ذلك أذعن توفيق وأصحابه البررة، وأعيدت الوزارة، وأرسلت الأوامر إلى الأقاليم بإلغاء أوامر التسريح السابقة ... ولم تدم هذه المأساة الهزلية أكثر من ثلاثة أيام، ولكنها كانت كافية في إظهار شعور الأمة الحقيقي. وإن في السرعة التي أرسلت بها الأوامر إلى الأقاليم لوقف جميع وسائل الدفاع لبيانا لسبب كره الدبلوماسيين البريطانيين عرابي ورفاقه، فقد رأوا أنه ما دام هؤلاء قابضين على أزمة الأمور فلا يحتمل أن تقع مصر غنيمة باردة في أيدي المعتدين.»

ولكن مالت لم يرقه هذا المظهر فكان مما افتراه فيما أبرق به إلى حكومته ما جاء في قوله: «في هذا المساء توجه رؤساء رجال الدين وفيهم البطريرك، والحاخام، كما توجه النواب جميعا والعلماء وغيرهم إلى الخديو، وسألوه أن يعيد عرابي وزيرا للجهادية، فرفض الخديو، ولكنهم توسلوا إليه قائلين: لئن كان الخديو مستعدا ليضحي بحياته فينبغي ألا يضحي بحياتهم هم، وإن عرابي يهددهم جميعا بالموت إن لم يحصلوا له على موافقة الخديو، وإن حرس القصر قد ضوعف، وإن أوامر صدرت إليهم بأن يمنعوا مغادرته القصر طلبا لرياضته المعتادة، وأن يطلقوا النار إذا حاول أن يشق طريقه بالقوة ... ولم يجد الخديو أمام هذه الظروف إلا الإذعان لا لينجي نفسه، بل لينقذ المدينة من سفك الدماء.»

إلى هذا الحد يبلغ افتراء مالت فيصور توفيقا سجينا في قصره ويجعله عرضة لأن يطلق حرسه النار عليه، وهذه رواية لم يوردها غير مالت بين جميع من كانت لهم صلة بهذا الموقف من القناصل ومن المؤرخين. ومن الأمور البديهية أنه لم يحجم عن أن ينقل مثل هذه الشائعات المفزعة إلى توفيق نفسه ليملأ قلبه رعبا، ويوحي إليه أن يطلب النجدة ...

وفي مساء اليوم الثامن والعشرين من مايو، أصدر الخديو أمرا إلى عرابي باشا بإعادته إلى وزارة الجهادية والبحرية هذا نصه: «ولو أنكم استعفيتم ضمن هيئة النظار التي استعفت، ولكن مراعاة لحفظ الراحة والأمن رأينا بقاءكم على نظارة الجهادية والبحرية، وأصدرنا أمرنا هذا لكم لتعلموه وتبادروا بإجراء ما فيه انتظام أحوال العسكرية بالطريقة الكفيلة لحفظ الأمن العام على الوجه المرغوب كما هو مقتضى إرادتنا.»

يقول عرابي في مذكراته: «حضر لي رئيس مجلس النواب سلطان باشا وحسين باشا الشريعي وسليمان باشا أباظة، وسلموني أمر الخديو القاضي برجوعي إلى نظارة الجهادية والبحرية، وأخبروني بأنهم لما وفدوا على الخديو وجدوا جميع القناصل في حضرته ما عدا قنصلي فرنسا وإنجلترا، وأنهم طلبوا من الخديو صدور أمره برجوعي إلى نظارة الجهادية والبحرية لأجل اطمئنان العموم، فكان القناصل مع النواب على رأي واحد، وحينذاك فرح الضباط والجنود وجميع الوطنيين وسروا بذلك سرورا عظيما ...

وبعد ذلك توالى اجتماع قنصلي إنجلترا وفرنسا الجنرالين بالخديو ليلا ونهارا، ثم إني أصدرت منشورا إلى قناصل الدول، وتكفلت لهم فيه بتأييد الأمن والراحة لجميع سكان القطر المصري وطنيين وأجانب، مسلمين وغير مسلمين، وطلبت من الخديو لزوم جمع العساكر لاستكمال الآلايات على مقتضى القدر المقرر في الفرمانات السلطانية فأجابني بالموافقة على ذلك، وصدر أمر الجهادية بجمع عساكر الإمدادية نمرة2، ونمرة 3، استعدادا لما عسى أن يطرأ من الحوادث.»

وأخذت الطمأنينة تحل محل القلق في نفوس الناس، إلا من كانوا يفطنون إلى حقيقة الموقف، فليست المسألة مسألة الخلاف بين توفيق وعرابي، وإنما المسألة هي نوايا السياسة الإنجليزية! ولذلك ما كانت أية تسوية داخلية لتجدي فتيلا والإنجليز متربصون، ومالت يسعى جهده لتعكير الماء كي يسهل عليه الغدر ...

والواقع أن تعلق الناس بعرابي إلى هذا الحد واطمئنان الوطنيين والأجانب إليه، أقوى رد يدفع به باطل مالت وأشياعه ممن خوفوا أوربا من نفوذ الحزب العسكري وأنذروها بالويل والثبور، فها هم أولاء الناس من وطنيين وأجانب لا يجدون لهم ملاذا غير عرابي ليطمئنوا على حياتهم وأمنهم ...

وكان عجز الخديو كذلك عن إقامة وزارة أبلغ فشل لسياسة مالت، فإن طوائف الأمة تؤيد الجيش ما عدا سلطان ونفرا من النواب، وما تلتف الأمة حول الجيش ورئيسه عرابي إلا لأنه اليوم في نظر الجميع أكثر مما كان من قبل أمل البلاد في إنقاذها من التدخل الأجنبي، وهل يقول أحد إن الأمة كانت في صف توفيق بعد قبوله المذكرة المشتركة الثانية؟

إذن فالقضية تزداد وضوحا يوما عن يوم، فهذه أمة تطلب الحرية، ولكن إنجلترا وعلى رأسها جلادستون زعيم الحرية تتهمها بالتمرد والفوضى، كي تتقدم لالتهامها، كما اتهم الذئب الحمل في تلك الخرافة التي يقصونها على الأطفال بأنه يعكر عليه الماء، والذئب في رأس المنحدر، والحمل في أسفله؟!

अज्ञात पृष्ठ