وقفت في وسط الحجرة بملابس الخروج، تجيل النظر في أنحائها، وتقول: إنها بيت لا حجرة، مكون من غرفة نوم ومكتبة؛ هل أجد عندك حلوى؟
فقلت معتذرا: آسف!
استوى جسمها الناضج في وسط الحجرة، في هالة من الإثارة والجاذبية، ورأيت لون عينيها لأول مرة كالشهد الرائق. قالت: يجب أن أذهب، ما دام لا يوجد عندك إلا الكتب.
ولكنها لم تتحرك، بل راحت تقول: لعلك تتساءل عما دفعني للخروج مبكرة، إني ذاهبة إلى شقتي في شارع الجيش؛ ألا تعرفها؟ إنها تبعد عن باب الشعرية بمحطة ترام ... العمارة 117.
سألتها وقد ثملت تماما بحضور الأنوثة الفواح: انتظري حتى أجيئك بحلوى من الخارج. - سأجد في الطريق ما يلزمني؛ إنك لطيف جدا!
فقلت متناسيا في تلك اللحظة ما يرمز إليه وجودها من معاناة لضميري: أنت اللطيفة حقا.
فرنت إلي بنظرة موحية بالأحلام، وتحركت ببطء ورشاقة نحو الباب، فهمست على رغمي: لا تذهبي ... أعني ... خذي راحتك ...
لكنها ابتسمت في ارتياح ظافر، ومضت وهي تقول: إلى اللقاء!
تركت وراءها في الحجرة الهادئة عاصفة من الانفعالات البهيجة، لم تجئ لغير ما سبب، ولم تذكر رقم العمارة اعتباطا. خفق قلبي المحروم المتشبث بالبراءة، لأول مرة يجد قلبي امرأة حقيقية ليهيم بها؛ إنه لم يهم قبل ذلك إلا بليلي ولبنى ومية وأوفيليا وديدمونة. وفيما تلا ذلك من أيام، أصبح لكل نظرة نتبادلها خلسة معنى جديد يؤكد سحر الحياة. في غفلة من الحضور نتبادل حوارا ساخنا. وتساءلت وأنا من الحيرة في عناء: ترى أأرتفع أنا أم أهوي إلى الحضيض؟! •••
ورغم رياح أمشير المزمجرة في الخارج، ترامى إلى أذني من الطابق الأعلى صخب وعنف، رقيت في السلم مستكشفا، فرأيت في الصالة طارق وهو ينهال لطما على وجه تحية. تسمرت ذاهلا، توارت هي في الحجرة، على حين قال لي هو في برود: أزعجناك!
अज्ञात पृष्ठ