أدب الموعظة
أدب الموعظة
प्रकाशक
مؤسسة الحرمين الخيرية
संस्करण संख्या
الأولى ١٤٢٤هـ
शैलियों
وسنا، ومهنة ومرتبة، ولكل طائفة من الناس أحوال تقتضي نوعا من الخطاب لا تقتضيه أحوال الجماعة الأخرى؛ فالجماعة الثائرة - مثلا - تخاطب بعبارة هادئة؛ لتكون بردا وسلاما على القلوب.
والجماعة الخنسة تخاطب بعبارات مثيرة للحمية، موقظة للهمة، حافزة للعزيمة.
والجماعة التي شطت وركبت رأسها تخاطب بعبارة فيها قوة العزم، ونور الحق وفيها إرعادة المنذر، ويقظة المنقذ، وفيها روح الرحمة وحسن الإيثار؛ ليجتمع الترغيب مع الترهيب، ومع سيف النقمة ريحان الرحمة.
ثم إن الشباب يثير حماسهم، ويوقظ قلوبهم، ويدفع إلى إقناعهم خطاب لا يثير عاطفة الشيوخ؛ لأن الملائم لهؤلاء نوع غيره.
والأغنياء يلائمهم نوع من الكلام لا يقتضيه مقام الموعظة لمن ليسوا كذلك.
والعلماء يجتذبهم التوقير، وعمق الكلام، ودقته.
وموعظة الرؤساء تقتضي تجملا بالحياء، والرزانة، والركانة، والهدوء، كما تقتضي ابتعادا عن التملق المرزي، وعن أي مظهر من مظاهر التعالي، وتقتضي أخذا بالتلطف، وحسن المدخل، والتلميح بالاعتراض إن كان هناك ما يقتضي ذلك.
وهكذا لكل جماعة نوع من الخطاب؛ فعلى الواعظ أن يجيء إليه من ناحيته؛ فذلك أدعى إلى وصوله إلى مراده١.
ثم إن نفرا من الناس غير قليل يستهويهم رونق الألفاظ أكثر من حكمة معانيها؛ فلا ينبغي أن نستخف بهؤلاء، وأن ندعهم لعصبة المضلين يعرضون
١ انظر: الخطابة، ص٤٣.
1 / 65