هذا معناه أن من عالج شهوات نفسه وهواه حتى يقهرها وتتخلص أنواره، ويقوى على قلبه، فقد أطفأ نور قلبه نيران شهواته المظلمة بالهوى، فهو النور يوم القيامة، حتى يطفئ ذلك النور لهب النار عنه؛ ومن لم يعالج هذا من نفسه، وخرج من الدنيا مع هذه النيران سوداء مظلمة، خفت من ألا يقوى نوره على أن يطفئ لهب النيران على الصراط، لأنه لم يكن له نور على القلب يطفئ نيران شهواته، وخرجت منه أعمال البر محترقة، مخلطة برياء، لأن عامة ما يعمل من الطاعات إنما يعمل بهواه، وبما يخف عليه، وبما تنشط له النفس وتستحيله، لا ينظر إلى ما يختار الله له، ولا يقبل علمه من ربه، إنما هو عامل لربه على التملك والاقتدار، والاختيار للأحوال، حتى ربما حمله ذلك على ترك الواجب، في جنب ما يتطوع به، وهذا موجود في الخلق، ترى الرجل يصلي بالليل، ويعق والديه، ويصوم النهار، ويسوء خلقه في شأن فطوره وسحوره، ويغتاب الناسي، وينفق في أعمال البر، ويكتسب الشبهات، ويعود المرضي، وينقل الجنائز، ويؤذي المسلمين، ويطلب عوراتهم، ويعود
1 / 76