ألا ترى أن الرجل يكون في لذة من لذات الدنيا ونشاط، فإذا بلغه وعيد من السلطان انكسر، وذهب نشاطه، فوعيد الله تعالى لو خلص إلى القلب، لكانت النفس والشهوات أشد انكسارًا، ولكن لا يصل ذلك إلى
القلب، فهو صلب أبدًا، فرح مرح، أشر بطر، فهو ينور بلهب، فإنما يطفأ بالماء الكثير الغالب، وهو العلم المؤدي إلى الخوف والوعيد، وليس يوجد هذا، فما الحيلة في ذلك؟ قال: إنا لا نعلم له حيلة، إلا أن يمنع من إلقاء الحطب عليه، فإنه متى زاده وقودًا اتقد، ونار والتهب وقوى، ومتى ما حبس عنه وقوده خمد، حتى يصير رمادًا، ويذهب حر التنور؛ كذلك ههنا، يحبس عنها الشهوات حتى تخمد، فتذهب فورتها والتهابها، فحينئذ تتخلص أنوار القلب، ويقوي ويعمل العقل عمله، ووجدنا في مبلغ عملنا أن الذي جاء في الحديث عن رسول الله ﷺ، أن النار تنادي يوم القامة للمؤمن: جز يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي؛
1 / 75