وعندما كنت أحرر مجلة الشئون الاجتماعية وضعت عبارة «الفقر والجهل والمرض»، فسارت مثلا بين الكتاب، وهذه العبارة تدل على أن الشعب يتحيز أعماقي النفسية.
ثم كذلك دعوتي إلى الصناعة منذ أكثر من ربع قرن، وقد أصبحت أحس من تكرارها أنها تشبه الهوس، وهي بلا شك دعوة شعبية بعثني عليها اهتمامي الدائم بمكافحة الفقر ونشر التمدن.
وأخيرا لم يكن اهتمامي بنظرية التطور سوى الرغبة في بعث الاهتمام بالمستقبل، والأخذ بالتطور دون الجمود، وهذا بالطبع اهتمام شعبي .
بل إن درسي للزراعة في مصر لم يكن باعثه علميا وإنما كان اجتماعيا، ولذلك فهمت، قبل أن يفهم غيري من الكتاب، علاقة القطن ومشروعات الري بأمراض الفلاحين، وكتبت مقالا في هذا الموضوع في مجلة الشئون الاجتماعية وقعه وزير سابق بعد أن ضرب على اسمي؛ لأنه استحسنه ورأى أن يعزى إليه.
بل إن هبوطي على كلمة «ثقافة» وتعميمها على أقلام الكتاب، إنما قصدت منه الشعب وليس خريجي الجامعات المتخصصين؛ لأن الثقافة تعميم وليست تخصيصا، وهي لذلك للشعب، وجميع مؤلفاتي للشعب أيضا.
وقد عطلت لي نحو خمس عشرة جريدة ومجلة؛ لأني كنت في زعم الحاكمين أسرف في التحيز للشعب؛ فقد حققت النيابة معي مثلا في قولي: «إن في مصر من يعيشون بألف جنيه في اليوم، وفيهم من يعيشون بثلاثة قروش وأحيانا لا يجدونها.»
وكل هذا يدل على أن الشعب كان على الدوام همي واهتمامي.
ولذلك أسلوبي في الكتابة هو الأسلوب الشعبي.
فأنا حين أكتب لا أتعالى، بل أتساوى، وأذكر أن أحد الصحفيين عقد معي حديثا وكان من أسئلته: ما هو السبيل إلى التفوق؟
فقلت له: يجب ألا يكون هناك سبيل لذلك؛ لأننا يجب أن ننشد المساواة وليس التفوق.
अज्ञात पृष्ठ