وهذا التمييز يتجاوز الاجتماع والسياسة إلى الأدب.
اعتبر المحافظين في السياسة في أي قطر في العالم، فإنهم دعاة التمييز العنصري أو القومي؛ ولذلك يؤمنون بالاستعمار ويمارسونه: الأبيض أرقى من الأسود؛ ولذلك من الحق أن يستعمر الأول الثاني، ويستبد به، ويقتله، ويأخذ كنوز أرضه من زراعة أو مناجم.
وهذا التمييز العنصري يرافقه تمييز طبقي أيضا، فإن المحافظ الذي يستغل الأفريقيين والآسيويين خارج بلاده كذلك يستغل العمال داخل بلاده، ويقول بأنهم يجب ألا يطلبوا أن يكونوا أرقى من مستوى طبيعتهم، ومن هنا كراهته، بل بغضه، للاشتراكية التي تقول بالمساواة.
والاستعماري هو رجل التقاليد، تقاليد التاريخ في الغزو والاستعمار؛ ولذلك كان رديارد كبلنج شاعرهم، هذا الشاعر الذي لم يخجل من أن ينصح للجنود الإنجليز في المستعمرات ببقر بطون الزنوج.
وبؤرة الإيمان عند المحافظين هي التشاؤم الذي يقوم على أن الناس يولدون متفاوتين، يأكل بعضهم بعضا في تنازع البقاء كحيوانات الغابة.
وما دام هناك «تنازع بقاء» فإن التشاؤم يغمر النفس؛ لأن هذا التنازع يعني في النهاية أن البقاء لا يكون إلا بالأنانية التي تحمل صاحبها على أن يدوس غيره كي يتفوق.
وما دمنا متشائمين فإننا نؤمن بأن الشر يتغلب على الخير في الطبيعة الإنسانية.
وهذا الإيمان يحملنا على الشك والتوجس والأنانية، والقول بأن أخلاق الناس منحطة، وأننا يجب أن نقسو في العقوبات، كما يحملنا على القول بأن المرأة لا تؤمن، وأنها تخون في الظلام، وأنها غادرة في الحب، إلى آخر هذه الأقوال التي تدل على الشك والخوف عند قائليها حتى لينتهوا إلى الحكم بأن المرأة يجب أن تخضع للرجال كي لا تجد الفرصة لأن تخون أو تغدر.
والمتشائمون المحافظون لا يثقون بالشعب؛ لأنهم لا يؤمنون بالمساواة، ولذلك لا يؤمنون بالتعاون والارتقاء، وعلة جحدهم للمساواة تقوم في النهاية على أنهم يأخذون بالوراثة دون الوسط، ويحترمون التقاليد القديمة.
فالناس، بالوراثة، يولدون أكفاء للسيادة أو غير أكفاء.
अज्ञात पृष्ठ