अचमल कामिला
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
शैलियों
الفاء في قوله: {فإما} لإفادة ترتيب انقسام المخاطبين إلى مهتدين وكافرين على الهبوط المفهوم من قوله: {اهبطوا}. و (إما) هي (إن) الشرطية دخلت عليها (ما) لإفادة التوكيد. والهدى من الله: الدلالة على ما هو حق وخير، بلسان رسول، أو آيات كتاب. ومن يتوسع في تفسير الهدى من الله، فيحمله على معنى الدلالة الشرعية أو العقلية، يبني تفسيره على أن الإيمان بالله لا يشترط في التكليف به مجيء رسول، أو إنزال # كتاب، فهو واجب على الناس؛ لما ركب الله فيهم من العقل، ونصب لهم من الأدلة، ومكن لهم من وجوه الاستدلال.
دل على أن الهدى صادر منه بقوله: {مني هدى}، ثم أضافه إلى نفسه بقوله: {هدى}، فنبه لتعظيم أمر الهدى، وأنه أحق بأن يتبع ويتخذ سبيلا لطمأنينة النفس في الدنيا، والفوز بالسعادة في الأخرى.
والخوف: الفزع، وهو تألم النفس من مكروه يتوقع حصوله. والحزن: الغم الحاصل لوقوع مكروه، أو فقد محبوب. ومعنى (لا خوف عليهم): أن نفوسهم آمنة مطمئنة بحيث لا يعتريها فزع. كما أن قوله: {ولا هم يحزنون} ينفي عنهم الاغتمام لفوات مطلوب، أو فقد محبوب. و (على) في قوله {عليهم} تنبئ بمعنى الإحاطة والشمول؛ فإنها تستعمل مجازا فيما يغلب على الإنسان، ويحيط به؛ نحو: {سلام عليكم}؛ فإن غرض الداعين أن تشمل السلامة المخاطبين، وتحيط بهم من جميع جوانبهم. فمعنى (لا خوف عليهم): نفي ملابسة الخوف لهم ملابسة الإحاطة والاستيلاء كما هو شأن الخوف من أهوال يوم القيامة.
وليس ببعيد أن يكون معنى {لا خوف عليهم}: أنهم بلغوا باستقامة السيرة وفضل التقوى حيث لا يخاف عليهم أحد أن يصيبهم في يوم الجزاء مكروه.
पृष्ठ 75