وعظمتها، فهو أولى بالتقديم على النعم الصادرة عنها.
﴿وَلَا تَكْفُرُونِ﴾:
الكفر: الجحود، يستعمل بمعنى: عدم الإيمان، فيتعدى بالباء، فيقال: كفر بالله، ويستعمل بمعنى: عدم الشكر، فيتعدى بنفسه، فيقال: كفر بالنعمة؛ أي: جحدها، وكفر المنعم؛ أي: جحد نعمته، ولم يقابلها بالشكر. وهذه الجملة: ﴿وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ تأكيد لقوله: ﴿وَاشْكُرُوا لِي﴾.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾:
لما كان الإيمان بحق يستدعي القيام بمصاعب، واحتمال مكاره؛ كالدعوة إلى الحق، والجهاد، وبذل المال في سبيل الخير، ولقاء الأذى من عدو أو سفيه، دل القرآن الحكيم على ما يعين على القيام بالمصاعب، واحتمال المكاره، فقال تعالى: ﴿اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾، فيستعين الإنسان بالصبر والصلاة على فعل الطاعات، وترك المعاصي، وعلى احتمال المصائب التي تجري بها الأقدار. والصلاة التي يستعان بها على القيام بالطاعات، ومخالفة الأهواء، والاطمئنان عند مفاجأة المصائب، هي الصلاة التي يستحضر فيها المصلي جلال الله، ويتدبر فيما يجري على لسانه من قرآن وذكر. وإن شئت فقل: هي الصلاة التي يلين فيها قلبه خشوعًا. والمفهوم من مقاصد الشريعة: أن الإنسان لا يثاب من صلاته على الأجزاء التي قضاها وقلبه مشغول بأمور دنيوية صرفة.
﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾:
إن الله مع جميع خلقه بعلمه وقدرته، فهو بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، ومع بعض خلقه؛ باعزازهم ونصرهم، ووقايته لهم من بأس