अबू शुहदा हुसैन इब्न अली
أبو الشهداء الحسين بن علي
शैलियों
ولكل منهما سبيله إلى النفوس وأمله في النجاح على حسب الأوقات والبيئات.
إلا أن الأريحية أخلد من المنفعة بسنة من سنن الخلق التي لا تتبدل مع الأوقات والبيئات؛ لأن منفعة الإنسان وجدت لفرد من الأفراد.
أما الأريحية التي يتجاوز بها الإنسان منفعته: فقد وجدت للأمة كلها أو للنوع الإنساني كله؛ ومن ثم يكتب لها الدوام إذا اصطدمت بمنافع هذا الفرد أو ذاك.
ولقد يبدو من ظواهر الأمور أن الأمر على خلاف ما نقول؛ لأن الحريص على منفعته يبلغها، ويمضي قدما إليها، فينال المنفعة التي لا ينالها صاحب الأريحية؛ لأنه يتركها إذا اصطدمت بما هو أجل منها.
وهذا صحيح مشهود لا مراء فيه.
ولكن النجاح في الحركات التاريخية لن يسمى نجاحا إذا هو لم يتجاوز حياة فرد أو طائفة من الأفراد، فإذا قيل: إن حركة من الحركات التاريخية قد نجحت، فمغزى ذلك بداهة أن الأفراد القائمين بها يذهبون وهي الباقية بعد ذهابهم. ومن هنا يصح أن يقال: إن الأريحية أبقى وأنجح إذا هي اصطدمت بالمنفعة الفردية؛ لأن ذهاب الفرد هنا أمر مفروغ منه بعد كل حساب، سواء أكان حساب الأريحيين أم حساب النفعيين.
وأصحاب الأريحية إذن أبعد نظرا من دهاة الطامعين والنهازين للفرص والمغانم العاجلة؛ لأنهم خلقوا بفطرتهم على حساب أعمال تتجاوز حساب عمرهم القصير. فهم - شعروا أو لم يشعروا - بعيدو النظر إلى عواقب الأمور، وإن خيل إلى الناس أنهم طائشون متهجمون.
أما موقف المؤرخين في العطف على حركات التاريخ؛ فهو على ما نرى موقف مزاج من هذين المزاجين، وليس بموقف سبيل من سبل البحث أو مذهب من مذاهب التفكير.
فالذين يجنحون بمزاجهم إلى المنفعة يفهمون أعذار المنتفعين ، وينكرون ملامتهم على ناقديهم.
والذين يجنحون بمزاجهم إلى الأريحية يفهمون دوافع النخوة، ويحسبونها عذرا لأصحابها أقوى من غواية المنافع والأرزاق.
अज्ञात पृष्ठ