अबू मुस्लिम ख़ुरासानी

जुर्जी ज़ैदान d. 1331 AH
182

अबू मुस्लिम ख़ुरासानी

أبو مسلم الخراساني

शैलियों

فقالت ريحانة: «كلا، فإنك فعلت الواجب، ولكن.» ونظرت إلى مولاتها فإذا هي مطرقة خجلا، فرفعت عينيها إلى صالح وقالت: «ولكن ألا يمكن تأجيل قتله يوما؟»

فاستغرب صالح هذا الاقتراح وقال: «وما معنى هذا التأجيل؟»

فالتفتت إلى مولاتها وسكتت، فازداد صالح استغرابا ووجه كلامه إلى جلنار وقال: «ما الذي تكتمانه عني؟ لعلكما تسيئان الظن بي؟»

فقال ريحانة: «حاشا لنا أن نسيء الظن بك بعد ما رأيناه من جهادك في سبيل مصلحتنا، ولكن مولاتي تود تأجيل مقتل العراف لأنه شغل بالها بكلمة قالها، ووعد بتفصيلها في غد.»

فقال صالح: «وأية كلمة؟ هل يجوز أن أعرفها؟»

قالت ريحانة: «نعم، بل يجب أن تعرفها؛ وذلك أنه لما جاءنا المرة الأخيرة وعرض ذكر أبي مسلم في حديثه نظر إلى مولاتي نظرة اهتمام وقال لها: «سآتيك غدا بخبر يسر قلبك؛ لمجيئه على غير انتظار منك، وأنا إنما أتيت هذه البلاد من أجله، ولا أحب أن يعرفه أحد.» وأحببنا أن نستزيده بيانا فأتاه خادم أبي سلمة يستدعيه إليه عاجلا، فمضى.»

فلما سمع صالح قولها، ورأى تعلق آمال جلنار بما سيقوله اليهودي لها عن أبي مسلم، ارتبك في أمره، ولم يفهم القصد منه، ولكنه خشي أن يكون أبو مسلم قد ندم على مجافاته جلنار، فأحب أن يسترضيها، فبعث بإبراهيم متنكرا لهذه الغاية. ولعله أوصاه أن يفعل ذلك خفية، وربما كان في جملة مهمته أن يستطلع مساعيه، ويتجسس أحوال العلويين ونحو ذلك. مرت هذه الخواطر في ذهنه وهو ساكت، وجلنار تنظر إليه خلسة وهي تخشى أن يجيب بالنفي، وهي تود الانتظار؛ لأنها ما برحت منذ سمعت وعد إبراهيم وهي تنتظر ساعة الموعد، وقد تحرك قلبها، وتحولت مجاري آمالها.

أما صالح فرأى من الدهاء أن يجزم بكذب إبراهيم، ويشكك في حسن نيته؛ مخافة أن يكون وراء أقواله ما يعرقل مساعيه أو يعرضه للخطر، فقال: «إني لأستغرب من مولاتي الدهقانة مع ما أعلمه من عقلها وذكائها أن تعلق أهمية على كلمة قالها هذا المنافق، وهو لا يريد بها غير التمويه ليستطلع ما بقي من أسرارنا، أو يوقعنا في الفخ. ألا تعلمين دهاء هؤلاء القوم؟ وكم غدروا بالناس على هذه الصورة؟!»

فقالت ريحانة: «صدقت، ولكننا إذا سمعنا قوله فليس من الضروري أن نعمل به. وعلى كل حال فنحن لا نخطو خطوة إلا برأيك وتدبيرك، فإذا أمكن استبقاء الرجل يوما أو يومين كان في استبقائه وسيلة لذهاب قلق مولاتي باطلاعها على ما وعدت نفسها به.»

فقال صالح: «لا بأس من استبقائه، ولكن لا حيلة لنا في ذلك وقد ذهب العيارون للبحث عنه، والقبض عليه حيا أو ميتا، فإذا جاءوا به حيا بعثنا به إلى الدهقانة، وأما إذا قتلوه فلا سبيل إلى إحيائه، على أني لا أراه إلا منافقا يريد التمويه. وإذا أطعتماني وجاءكما فانبذاه وابصقا في وجهه. ومع ذلك، فافعلا ما بدا لكما.» قال ذلك وفي صوته وملامح وجهه أمارات العتاب، فأدركت ريحانة أنه استاء من إلحاحها، وقد سبق إلى ذهنها حسن الظن به، ورأت أن مجاراته في رأيه قد تخفف قلق سيدتها فقالت: «وأنا أرى مثل رأيك، فإن هذا الرجل لا يأتي على يده غير الأذى، والأحسن أن نحذره ونسعى في القبض عليه وقتله؛ لنتخلص من شره.»

अज्ञात पृष्ठ