أما هو فلما سمع تصريحها بحبه دهش له وظنه تهورا، فأغضى عنه وقال: «إني أشكرك على حبك أيتها الدهقانة، ولا أنكر أنك خدمت مصلحة الخراسانيين، غير أن ذلك لا يبرئ والدك من ذنبه.»
فاستغربت جوابه الجاف على خطابها الحار وقالت: «ألا تزال تذكر ذنب والدي في جانب اندفاعي في حبك؟»
قال: «لا تقولي حبي، بل قولي حب دعوتي ومصلحة خراسان.»
فزاد استغرابها لتنصله من الحب إلى هذا الحد، وشعرت أنها تتكلم في واد وهو في واد آخر فقالت: «بل في حبك أيها الأمير.»
قال: «وما الباعث إلى ذلك والحب في مثل هذه الحال ينتهي بالزواج؟ وأنا لا مأرب لي في النساء على الإطلاق، بل أنا أعتبر الزواج جنونا، وقد تزوجت امرأة. ويكفي للإنسان أن يجن في زمانه مرة واحدة. واعلمي - يا جلنار - أني لو كنت ممن يتفرغون للنساء ما استطعت القيام بالدعوة التي أنا قائم بها.»
1
وكانت جلنار تسمع كلامه وقلبها يكاد يتمزق من الغيظ وخيبة الأمل، ولكنها تجلدت وقالت وصوتها يرتجف: «ألم تكن تحبني من قبل؟»
قال: «لم أحبك، ولا أحببت سواك من النساء، ولا أريد أن أحب امرأة ما.»
قالت: «ألم تقل لرسولي أنك أحببتني عندما رأيتني، وأنك تؤجل الزواج إلى ما بعد الفراغ من الحرب؟»
قال: «أظنك تعنين ذلك المهزار المنافق؟ لقد قتلته جزاء خيانته. وهل تصدقين قوله؟»
अज्ञात पृष्ठ