فمد يده واستخرجه ودفعه إليه، فقال أبو مسلم: «إني لا أزال مصرا على ذلك، وربما زاد إصراري الآن بعد فتح مرو على يد ابن الكرماني؛ لأنه ارتفع في عيني نفسه، فربما توهم له الفضل علينا، فتحدثه نفسه أن يغلبنا؛ ولذلك فإني لا آمنه، ولا بد من قتله؛ لئلا يكون حجر عثرة لنا. وقتله هين عليك بواسطة تلك الفتاة المفتونة. فإذا قتلته خلسة سعينا في ضم رجاله إلى رجال الأمير شيبان، ثم أسلم إليه قيادة هذه المدينة وأمضي في عملي، إلا إذا كنت لا تثق بهذا الحروري وتخاف أن يخوننا إذا سلمنا الأمر إليه.»
قال: «لا خوف منه؛ فإذا عاهد وفى، وخصوصا بعد أن ملكت ناصية الأمر وبايعك الناس.»
فقطع أبو مسلم كلامه وقال: «وهل لحظت أن البيعة لأهل بيت النبي عامة، وليست لبني العباس؛ لأن الناس لم يعرفوا لبني العباس الحق في الخلافة بعد، وإنما هم يعرفونه لآل أبي طالب؛ ولذلك جعلنا البيعة مشتركة، فمن فاز من الرهطين كانت الخلافة لهم. فلا أظن ذلك يؤخر الأمير شيبان عن القبول بمحالفتنا.»
قال: «كلا يا مولاي.»
فقال: «فعلينا إذن أن نبدأ بقتل ذلك الأعور كما وعدتني، ولا تظن أحدا ينال من المقام في أمرنا ما ستناله أنت، وسأطلع الإمام على فضلك.»
قال: «إني لم أفعل غير ما يجب علي، ولا أتوقع منك جزاء غير رضاك.»
قال: «هل تقتله الليلة؟»
قال: «أبذل جهدي في ذلك.»
قال: «أنت تعلم طبعا أن قتله يجب أن يكون سرا، فلا يدري رجاله إلا أنه مات موتا طبيعيا.»
قال: «كن مطمئنا يا مولاي.» قال ذلك ونهض وحيا أبا مسلم متأدبا وهم بالخروج، فوقف أبو مسلم لوداعه وقال له: «عرج بإبراهيم الخازن لعله ينفعك في هذه المهمة.» فلما سمع اسمه تذكر الليلة التي لقيه بها في بيت الدهقان، وهو يعلم مكره وضعف ذمامه، فقال: «أين هو؟» فأشار إلى مكانه في غرفة أخرى، فسار الضحاك إليه على أن يتعاونا في الأمر.
अज्ञात पृष्ठ