ونظرا لأن النظام الإداري الحالي لا يتفق مع النظام السياسي الجديد ومع الأنظمة الديموقراطية التي ستمنحها البلاد، فإن الوزارة قد اعتزمت أن تتولى الأمر بنفسها وبلا شريك في الحكم الذي ستتحمل كل مسئوليته أمام الهيئة النيابية المصرية، وسيكون رائدها في إدارة شئون الأمة توجيهها إلى المصلحة القومية دون غيرها، والوزارة موقنة بأن أكبر عامل لنجاح مصر في تسوية المسائل التي بقي حلها، وأقوى حجة تستعين بها في تأييد وجهة نظرها، هو أن تقبل على هذا الدور الجديد متحدة الكلمة مؤتلفة القلوب، وأن تأخذ بدواعي النظام، وتلتزم جانب الحكم.
والوزارة تحيي العصر الجديد الذي كان لعظمتكم أجل أثر في طلوعه على الأمة بفضل ما بذلته عظمتكم من المساعي الوطنية العالية، وهي واثقة أن ستلقى من لدن عظمتكم كل تأييد في عمل الغد، وإنها لترجو أن يجيء مكللا لمجهود البلاد.
وإني لا أزال لعظمتكم العبد الخاضع المطيع، والخادم المخلص الأمين.
ثروت
القاهرة في 2 رجب سنة 1340 / أول مارس سنة 1922 (8) خطب ثروت باشا في وفود المهنئين ملخصة في مقطم 21 مارس سنة 1922 - خلاصة خطب ثروت باشا في وفود الأعيان يوم 21 مارس سنة 1922
إن مصر خطت الخطوة العظمى في سبيل الاستقلال وذلك بفضل أهلها، كل على قدر اشتراكه في الاتحاد والتضامن في سبيل الاستقلال. فهم - أي الوفود - يهنئون دولته به ويشكرونه عليه، ولكن دولته يرد ثناءهم إليهم، ويشكر الأمة وأبناءها الذين جدوا وجاهدوا لنيل هذا الاستقلال بتضامنهم، واتحاد كلمتهم حتى حصلوا على هذه النعمة العظمى من نعم الله التي يجب عليهم التحدث بها على الدوام. قال: فلقد حضر هذا الصباح معتمدو الدول الأجنبية إلى سراي عابدين العامرة لجلالة الملك، فقدمهم دولته إلى جلالته واحدا واحدا، ثم خطب أقدمهم عهدا فهنأ جلالته باستقلال مصر مجاهرا على رءوس الأشهاد.
ثانيا: إنه إذا قلنا إن مصر خطت الخطوة العظمى في سبيل الاستقلال، فليس المراد من ذلك أن مصر لم تحصل على استقلالها؛ لأنها حصلت عليه من الوجهة الوطنية المصرية، وإنما المراد أنه لا يزال أمام مصر مفاوضات يلزمها أن تفاوضها من الوجهة البريطانية؛ لأن إنكلترا تطلب من مصر ضمانات، فقد كانت إنكلترا قابضة على استقلال مصر وهي تقول لنا: إنه وديعة بيدي أسلمكم إياه متى أعطيتموني الضمانات التي أطلبها منكم، وكان دولته ينتقل من هذا الكلام إلى الكلام عن الوفد المصري الرسمي، ويطري مآثر صاحب الدولة عدلي باشا فيه، وامتناعه عن أن يقيد الأمة بإعطاء الضمانات المطلوبة حتى عاد دولته ورفاقه من دون أن يتم الاتفاق على الاستقلال المطلوب. وانحاز ثروت باشا وغيره من الوزراء الباقين في هذا القطر إلى دولة عدلي باشا وقالوا قوله ورفضوا ما رفضه، وهكذا فضل أعضاء الوزارة الحالية معتمدين في ذلك كله على اتحاد الأمة وحسن تضامنها وصدق غيرتها وعزيمتها؛ حتى قدر الله أن رضيت إنكلترا بتسليم وديعة الاستقلال إلى مصر، وأن لا تطالب الوزارة المصرية أية كانت بالضمانات التي تريدها، بل تطالب الأمة المصرية ذاتها. فنالت مصر استقلالها وفازت بحريتها وهي لم تقيد بشيء ولا أخذ عليها عهد ما. والآن تسعى الوزارة في إنشاء برلمان مصري يكون له القول الفصل في مسألة الضمانات الإنكليزية. قال دولته: «فإذا بحث نواب أمتكم في تلك الضمانات ووجدوها مطابقة لاستقلالهم ومصلحة بلادهم قبلوها، وإذا لم يجدوها كذلك رفضوها وهم أسياد في بلادهم.» ثم كان دولته يتخلص من ذلك.
ثالثا: إن الفوز التام في سبيل هذا الاستقلال إنما ينال إذا سلكت الأمة سبيل العقل والروية، وحافظت على السكون وتمام النظام، وأظهرت للأوروبيين جميعا أنها أمة تحسن السير، وتستطيع التقدم في مراتب الكمال بعد تمتعها بنعمة الاستقلال. قال دولته: «وهذا يتوقف أمره عليكم ويطلب منكم، والحكومة ترجو أنكم تضافرونها عليه وتكونون لها عونا فيه، فهي مستعدة لأن تضع بيدكم ما يلزم لحفظ السكون والنظام من وسيلة وعدة من الوسائل المشروعة، وعاقدة النية على أن لا تدخر وسعا في تأييد النظام، وشد أزر المحافظين عليه، والضرب على كل يد تعبث به وتعيث فسادا في البلاد، وهي مصممة أيضا على أن تفرغ جهدها في عمل كل ما تقتضيه مصلحة البلاد من الأعمال، وما يقتضيه السكون والنظام، وتقدم البلاد والعباد في الراحة والرفاهة. وترجو أن الأمة تتأنى في حكمها على عملها، ولا تتسرع بالإصغاء إلى الأقوال التي لا تطابق الواقع حتى يتضح لها الغث من الثمين والصدق من المين؛ فتحكم حكمها بعد ذلك.» وكانت الوفود تقابل أقوال دولته بالهتاف والدعاء، وخصوصا عند ذكر دولة عدلي باشا، وكانت تهتف طويلا وتصفق كثيرا. (9) خطبة صاحب الدولة ثروت باشا في مأدبة الكونتننتال
حضرات السادة الأجلاء
إني أغتبط الاغتباط بموقفي بينكم في هذا اليوم السعيد الميمون الذي هو أول عيد لميلاد مولانا المعظم بعد إعلان استقلال البلاد.
अज्ञात पृष्ठ