وتقطعت بهم الْأَسْبَاب قَالَ الفضيل بن عِيَاض عَن لَيْث عَن مُجَاهِد هِيَ المودات الَّتِي كَانَت لغير الله والوصلات الَّتِي كَانَت بَينهم فِي الدُّنْيَا وَقَالَ الَّذين اتبعُوا لَو أَن لنا كره فنتبرأ مِنْهُم كَمَا تبرءوا منا كَذَلِك يُرِيهم الله أَعْمَالهم حسرات عَلَيْهِم وَمَا هم بِخَارِجِينَ من النَّار فالأعمال الَّتِي أَرَاهُم الله حسرات عَلَيْهِم هِيَ الْأَعْمَال الَّتِي يَفْعَلهَا بَعضهم مَعَ بعض فِي الدُّنْيَا كَانَت لغير الله وَمِنْهَا الْمُوَالَاة والصحبة والمحبة لغير الله فالخير كُله فِي أَن يعبد الله وَحده لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا وَلَا حول وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه سَبَب الْمحبَّة وَمِمَّا يُحَقّق هَذِه الْأُمُور أَن الْمُحب يجذب والمحبوب يجذب فَمن أحب شَيْئا جذبه اليه بِحَسب قوته وَمن أحب صُورَة جذبته تِلْكَ الصُّورَة الى المحبوب الْمَوْجُود فِي الْخَارِج بِحَسب قوته فَإِن الْمُحب علته فاعلية والمحبوب علته غائية وكل مِنْهُمَا لَهُ تَأْثِير فِي وجود الْمَعْلُول والمحب انما يجذب المحبوب بِمَا فِي قلب الْمُحب من صورته الَّتِي يتمثلها فَتلك الصُّورَة تجذبه بِمَعْنى انجذابه اليها لِأَنَّهَا هِيَ فِي نَفسهَا قصد وَفعل فَإِن فِي المحبوب من الْمَعْنى الْمُنَاسب مَا يَقْتَضِي انجذاب الْمُحب اليه كَمَا ينجذب الانسان الى الطَّعَام ليأكله والى امْرَأَة ليباشرها والى صديقه ليعاشره وكما تنجذب قُلُوب المحبين لله وَرَسُوله الى الله وَرَسُوله وَالصَّالِحِينَ من عباده لما اتّصف بِهِ سُبْحَانَهُ من الصِّفَات الَّتِي يسْتَحق لأَجلهَا أَن يحب ويعبد بل لَا يجوز أَن يحب شَيْء من الموجودات لذاته الا هُوَ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ فَكل مَحْبُوب فِي الْعَالم انما يجوز أَن يحب لغيره لَا لذاته والرب تَعَالَى هُوَ الَّذِي يجب أَن يحب لنَفسِهِ وَهَذَا من مَعَاني الهيته وَلَو كَانَ فيهمَا
1 / 43