258

واحدة ، وكأنكم حاضري المسجد. ( إن الله على كل شيء قدير ) فيقدر على الإماتة والإحياء والجمع.

( ومن حيث خرجت ) ومن أي بلد خرجت للسفر ( فول وجهك شطر المسجد الحرام ) إذا صليت ( وإنه ) وإن هذا المأمور به ( للحق ) للثابت الذي لا يزول بنسخ ( من ربك وما الله بغافل عما تعملون ). وقرأ أبو عمرو بالياء. وهذا تهديد لهم في المخالفة.

( ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) كرر هذا الحكم لتعدد علله ، فإنه تعالى ذكر للتحويل ثلاث علل : تعظيم الرسول صلى الله عليه وآلهوسلم بابتغاء مرضاته ، وجري العادة الإلهية على أن يولي أهل كل ملة وصاحب دعوة وجهة يستقبلها ويتميز بها كما وقع في كتب أهل الكتاب ، ودفع حجج المخالفين على ما يبينه. مع أن القبلة لها شأن ، والنسخ من مظان الفتنة والشبهة ، فالحري أن يؤكد أمرها ويعاد ذكرها مرة بعد أخرى.

( لئلا يكون للناس عليكم حجة ) علة لقوله : ( فولوا ). والمعنى : أن التولية عن الصخرة إلى الكعبة تدفع احتجاج اليهود بأن النبي المنعوت في التوراة قبلته الكعبة ، وأن محمدا يجحد ديننا ويتبعنا في قبلتنا ، ويدفع احتجاج المشركين بأنه يدعي ملة إبراهيم ويخالف قبلته.

( إلا الذين ظلموا منهم ) استثناء من الناس ، أي : لئلا يكون لأحد من الناس حجة إلا المعاندين منهم ، فإنهم يقولون : ما تحول إلى الكعبة إلا ميلا إلى دين قومه وحبا لبلده ، ولو كان على الحق للزم قبلة الأنبياء ، أو بدا له فرجع إلى قبلة آبائه ، ويوشك أن يرجع إلى دينهم. وتسمية هذه حجة مثل قوله : ( حجتهم داحضة ) (1) لأنهم يسوقون مساقها. وقيل : الحجة بمعنى الاحتجاج.

Shafi 263