قراءة حمزة : فأزالهما ، وهما متقاربان في المعنى ، غير أن أزل تقتضي عثرة مع الزوال ، بخلاف الإزالة.
واختلف في كيفية وصول إبليس إلى آدم وحواء حتى وسوس إليهما ، وإبليس قد اخرج من الجنة حين أبي السجود وهما في الجنة ، فقيل : إن آدم كان يخرج إلى باب الجنة ، وإبليس لم يكن ممنوعا من الدنو منه ، فكان يكلمه ، وكان هذا قبل أن اهبط إلى الأرض وبعد أن اخرج من الجنة. وقيل : إنه كلمهما من الأرض بكلام عرفاه وفهماه منه. وقيل : إنه دخل في فقم الحية وخاطبهما من فقمها ، والفقم : جانب الشدق (1). وقيل : تمثل بصورة دابة فدخل ولم تعرفه الخزنة. وقيل : إنه منع من الدخول على جهة التكرمة كما كان يدخل مع الملائكة ، ولم يمنع أن يدخل للوسوسة ابتلاء لآدم وحواء. وقيل : إنه راسلهما بالخطاب. وظاهر القرآن على أنه شافههما بالخطاب. والعلم عند الله.
وعلى التقادير ( فأخرجهما مما كانا فيه ) أي : من الكرامة والنعيم. أضاف الإخراج إلى الشيطان لأنه كان السبب فيه. وإنما أخرج الله آدم من الجنة ، لأن المصلحة اقتضت بعد تناوله الشجرة إهباطه إلى الأرض وابتلاءه بالتكليف وسلبه ثياب الجنة ، كما تقتضي الحكمة الإفقار بعد الإغناء والإماتة بعد الإحياء. ومن جملة المصلحة أن يكون ذلك لطفا له ولذريته في اجتناب الأولى والخطايا واتقاء المآثم ، والتنبه على أنه أخرج من الجنة بترك الأولى ، فكيف يدخلها ذو خطايا جمة؟!
( وقلنا اهبطوا ) أي : انزلوا من الجنة ، خطاب لآدم وحواء ، لقوله : ( اهبطا منها جميعا ) (2). وجمع الضمير لأنهما أصلا الإنس ، فكأنهما الإنس كلهم ، أوهما وإبليس اخرج منها ثانيا بعد ما كان يدخلها للوسوسة. وقيل : من السماء إلى
Shafi 128