النهي عن تناول تلك الشجرة الذي يثمر الحرمان من الثواب العظيم ، الذي هو الخلود في جنات النعيم مع مزيد التكريم وهي تعليق النهي بالقرب الذي هو من مقدمات التناول مبالغة في ترك الإقدام به (1)، وتنبيها على أن القرب من الشيء يورث ميلا ما به (2)، فينبغي أن لا يحوما حول ما نهي (3) عنهما مخافة أن يقعا فيه. وجعله سببا لأن يكونا من الظالمين الذين ظلموا أنفسهم بنقص حظهما بالإتيان بما يخل بالكرامة والنعيم ، فإن الفاء تفيد السببية. ولا يجوز أن يكون نهي تحريم ، ويكون آدم فاعلا لقبيح ، لأن الأنبياء عليهم السلام لعصمتهم لا يجوز عليهم القبائح ، لا صغيرها ولا كبيرها ، قبل البعثة وبعدها ، كما بين في كتب الكلام كالتجريد ونهج المسترشدين وغيرهما.
و «الشجرة» هي الحنطة أو الكرمة أو التينة أو الكافور ، أو شجرة من أكل منها أحدث. والأول أشهر.
ثم بين الله سبحانه حال آدم بعد سكونه مع حواء في الجنة فقال : ( فأزلهما الشيطان عنها ) أي : أصدر زلتهما الشيطان يعنى : إبليس عن الشجرة ، وحملهما على الزلة بسببها. وإزلاله قوله : ( هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) (4) وقوله : ( ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ) (5)، ومقاسمته إياهما بقوله : ( إني لكما لمن الناصحين ) (6). نسب الإزلال إلى الشيطان لما وقع بدعائه ووسوسته ، أو أزلهما عن الجنة بمعنى أذهبهما عنها وأبعدهما ، كما تقول : زل عن مرتبته ، وزل عني ذلك ، إذا ذهب عنك. ويعضده
Shafi 127