ولما وصل مرس إلى الأمير محمود- رحمه الله- أحسن إليه وأكرم وفادته وأعاده محملا بالأموال الكثيرة، وتعهد بكل ما يريد، وكتب إلى أبى جعفر رسالة (يوصيه فيها) أن يبذل فى خدمة مرس كل ما يستطيع ويعتذر، وذهب أبو إبراهيم إلى بخارى ومن هناك إلى السغد، وقدم إليه ابن علم دار 10 رئيس فتيان سمرقند يصحبه الشيوخ وثلاثة آلاف رجل، وتقدم الخان العظيم 11 لمحاربته، فهزموا الخان فى شعبان سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وانفصل ابن سرخك 12 عن أبى إبراهيم، وذهب إلى الخان وانضم إليه، ثم كتب رسالة إلى أبى إبراهيم أحسن له القول فيها وعاهده، وكان هذا خداعا منه قد رتبه مع الخان، وحينما وصل الخبر إلى الخان أن السامانى قد هزم 13، سيطر على كل معابر المياه وعين عمالا على هذه المعابر، فلما سمع أبو إبراهيم هذا الخبر هرب مع ثمانية من رجاله ودخل فى محلة ابن بهيج وهو من العرب فى صحراء مرو، فأمر أحد الأثرياء،- وكانوا يدعونه ماهروى 14 - أتباعه فراقبوا طريق أبى إبراهيم وقتلوه فى ربيع الآخر سنة خمس وستين وثلاثمائة 15. وبذلك انتهت دولة آل سامان جميعها.
ولما سمع الأمير محمود خبر مقتل أبى إبراهيم أرسل فى الحال إلى أرسلان الجاذب فأغار على محلة ابن بهيج، وقتلوا ماهروى وابن بهيج شر قتلة. وحينما قدم الأمير محمود إلى نيشاپور ثار الغلمان، وفى الحال علم الأمير محمود، فأخذ ذلك بالحزم، وأراد أن يقبض عليهم ويؤدبهم فخافوا، وقبض على نفر منهم وفر الباقون، وذهب الأمير محمود- رحمه الله- فى إثر الفارين فقتل بعضهم وأسر البعض، ولجأ البعض إلى السامانى، وهرب فى هذا الوقت أيضا أبو القاسم السيمجورى وذهب إلى السامانى.
ورجع الأمير محمود إلى هرات فى الخامس من رمضان سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، ومن هناك ذهب إلى غزنين، ومنها دخل الهندوستان بجيش عظيم، ونزل فى مدينة پرشاور على رأس عشرة آلاف غازى؛ وفى مواجهة محمود نصب جيبال ملك الهند معسكرا، وجلب للحرب اثنى عشر ألف فارس وثلاثين ألف مترجل وثلاثمائة فيل، واصطفت الصفوف، ودارت رحى الحرب، فوهب الله عز وجل النصر للمسلمين، وظفر الأمير محمود- رحمه الله- بالنصر، وقهر جيبال، وهلك الكفار، وقتل المسلمون منهم فى هذه المعركة خمسة آلاف كافر، وأسروا جيبال مع خمسة عشر من أبنائه وإخوته، وغنموا كثيرا من الأموال والسبايا والدواب.
ويقولون: إن جيبال كان يتحلى بقلادة فى رقبته مرصعة بالدرر والجواهر قيمها العارفون بمائة وثمانين ألف دينار 16.
Shafi 253