فمشى الحاج في الزقاق وراءها فوقفت أمام الباب؛ باب غرفتها ففتحته وهي تقول: تفضل، ادخل واجلس ريثما أجيئك بعلبة السكاير. - لا لزوم للسيكارة يا ست مريم.
فلم تحفل مريم برجائه بل ذهبت تسر إلى البربري خادم البيت كلمة وعادت تقدم إلى ضيفها سيكارة، وتقول: أرجوك أن تجلس، وظلت هي واقفة قريب الباب المفتوح. - اعلمي يا ست مريم أنني معجب بك وبرقصك وبمواهبك، وأحب من صميم قلبي أن تظهري عندنا في الكازينو، وقد تباحثت وشريكي في شأنك بعد رجوعك.
وسكت فجأة يحدجها بناظريه، فابتسمت مريم شاكرة. - وسيكون لك ما ترغبين إذا ...
ووقف إذ ذاك الحاج محيي الدين يخطو نحو مريم خطوات أدركت سرها، فلاقته بكرسي تقدمها ملاطفة وتقول: تفضل اجلس فأزاح الحاج الكرسي وتقدم نحو الباب ليرمي سيكارته خارجا، فأدهشته مريم إذ أسرعت إلى الباب وهي تقول: أرجوك، لا تكلف نفسك، أنا أغلق الباب.
وغلقت مريم الباب ووقفت في وسط الغرفة تنظر إلى الزائر ولا تبدي حراكا، فدنا منها معجبا بهذه الحركة وهذا اللطف وقبض على يدها بيسراه، يداعب بيمناه خدها.
فأحست مريم كأن علقات تسرح في وجهها ولكنها وقفت متجلدة كالتمثال. - لا تخافي، أنا صديقك، وستكونين في «الكازينو» تحت رعايتي فلا يعتريك ريب من ذلك.
فتجلدت مريم وهي تحاول إخفاء اضطرابها وقالت ملاطفة: هذا جميل منك.
وقرع إذ ذاك الباب قارع، فتظاهرت بالرعب وبعدت عنه تتنفس سرا الصعداء، فعاد الحاج محيي الدين إلى الديوان يشعل سيكارة.
فتحت مريم الباب، فدخل الخادم قائلا: رسول من البنك الفرنساوي يقول: إن المدير يقابلك اليوم الساعة العاشرة إفرنجية. - ويلي! قد فات الوقت، اعذرني يا سيدي محيي الدين، اعذرني اليوم، لي عند المدير حاجة تقضي علي أن أقابله حالا.
ومدت إليه يدها غانجة باسمة فصافحها ثم ربتها، وخرجت وإياه يتحدثان في ما يختص بظهورها على مسرح الكازينو وبراتبها، ثم ودعها عند الباب قائلا: سأراك غدا فتوقعين على الوثيقة. - غدا إن شاء الله أتشرف بزيارتكم في «الكازينو». - لا بل أنا أتشرف بزيارتك والوثيقة في جيبي. - كما تريد، أتوقع قدومك صباحا في مثل هذا الوقت.
Shafi da ba'a sani ba