الله عليه وسلم: قولوا لهم كما قال لكم، فكنا نعلمه الاماء بالمدينة. وكان أبن عباس يقول: إذا قرأتم شيئا من كتاب الله فلم تعرفوه فاطلبوه في أشعار العرب، فان الشعر ديوان العرب. وقال أيضًا: إذا أعيتكم العربية في القرآن فالتمسوها في الشعر، فانه ديوان العرب. وكان كلما سئل عن حرف من القرآن أو من حديث رسول الله ﷺ أنشد عليه شعرا. وقيل لسعيد بن المسيب إنّ قموا بالعراق يكرهون الشعر، فقال: نسكوا نسكا عجميا! وسئل أبن سيرين في المسجد عن رواية الشعر في شهر رمضان إنّها تنقض الوضوء فقال:
نبئت إنّ فتاة كنت أخطبها ... عرقوبها مثل شهر الصوم في الطول
ثم قام فأم الناس وقيل بل أنشد:
لق أصبحت عروس الفرزدق ناشزا ... ولو رضيت رمح أسته لاستقرت
وسئل ابن عباس هل الشعر من رفث القول، فأنشد:
وهن يمشين بنا هميسا ... إن تصدق الطير ننك لميسا
وقال إنّما الرفث عند النساء، ثم احزم للصلاة. وكان أبو السائب المخزومي يقول أما والله لو كان الشعر محرما لوردنا الرحبة كل يوم مرارا، يعني الرحبة التي تقام فيها الحدود. وقال عبد الملك لبنيه عليكم بالأدب، فإنكم إن احتجتم إليه كان لكم مالا، وإن استغنيتم عنه كان لكم جمالا، وكانت عائشة أم المؤمنين، وأبن عباس، وعمر، ﵃ أجمعين من رواية الشعر بالمحل الذي لا يدرك، حتى حكي عن عائشة إنّها قالت: رويت للبيد أثنى عشر ألف بين خلاف ما رويت لغيره. وكذا غير هؤلاء من الصحابة ﵃ وما أهل البيت النبوي إلاّ من قال الشعر، غير النبي ﷺ، وكذا الخلفاء الأربعة. وقد ذكر المعتنون بهذا الشأن ما ثبت عن كل منهم من الشعر؛ والتعرض لذلك يطول بنا، وليس من غرضنا نحن في هذا الكتاب إلاّ مجرد التنبيه؛ وما تقدم كاف في مدح الشعر وإباحته والرد على منكريه.
1 / 46