Shugaban da ke Tawaye Ahmad Urabi
الزعيم الثائر أحمد عرابي
Nau'ikan
فلما علم عيون الآلاي الأول باعتقال الضباط الثلاثة، أسرعوا بالعودة إلى مركز الآلاي بقشلاق عابدين، وأنهوا إلى ضباطه ما وقع ... فهاج الضباط جميعا واعتزموا إنقاذ إخوانهم، ونهض البكباشي محمد عبيد - بطل واقعة التل الكبير - مناديا الجند النداء العسكري بالاحتشاد والتأهب للمسير. فاعترضه قائم مقام الآلاي خورشيد بك بسمي، وسأله عن سبب هذا النداء فلم يجبه بكلمة، وأمر بعض الجنود باعتقاله في إحدى قاعات القشلاق، واصطف الجنود بأسلحتهم، وساروا بقيادة محمد عبيد إلى قصر النيل حيث الضباط المعتقلون ...
وبينما كان الجند يستعدون للخروج من القشلاق، علم الخديو بهذه الحركة، وشاهدها بنفسه من سلاملك السراي المقابل للقشلاق، فأمر الفريق راشد باشا حسني سر ياوره بأن يتوجه إليهم لوقف الحركة، فلم تجد هذه الوساطة نفعا، فاستدعى الخديو الضباط فلم يحضر أحد.
سار جنود الآلاي الأول من قشلاق عابدين إلى قصر النيل ... فلما بلغوه وضع البكباشي محمد عبيد الحصار حوله، وأمر بقية الجند بالهجوم على الديوان، فهجم الجنود حاملين بنادقهم، وفي أطرافها الرماح «السونكي» واقتحموا الديوان صائحين صاخبين، فوقع الرعب في نفوس القواد والضباط الموجودين بالديوان، وفي مقدمتهم عثمان باشا رفقي وزير الحربية، وبادروا إلى الفرار. أما عثمان رفقي فقد فر من إحدى النوافذ إلى «ورشة» الترزية يطلب النجاة لنفسه. وأخذ الجند يبحثون عن الضباط المعتقلين، وتفرقوا لذلك في جميع الغرف والجهات، وكسروا الأبواب والشبابيك وكل ما عاقهم عن السير، إلى أن وصلوا إلى مقر الضباط الثلاثة، ففك البكباشي محمد عبيد سراحهم.
وخرج الضباط الثلاثة من قصر النيل ظافرين، وساروا يحيط بهم الجند إلى قشلاق الآلاي الأول بميدان عابدين، وكان عرابي وصحبه على عهد مع ضباط الآلايات الثلاثة أن يتضامنوا معهم، ويبادروا إلى نجدتهم إذا حل بهم مكروه. •••
ولم يكد يعلم آلاي طرة، الذي كان على رأسه عبد العال حلمي، بما حل بعرابي وصاحبيه حتى هب لنجدتهم ... فلما حضر الأميرالاي الجديد خورشيد بك نعمان ليتسلم الآلاي بصحبة خورشيد باشا طاهر وأحمد بك حمدي ياور الخديو، بادر البكباشي خضر أفندي خضر إلى اعتقالهم، ووضعهم تحت الحفظ في غرفة القائم مقام فرج بك الدكر واعتقله معهم ... ثم أمر بتوزيع الأسلحة والذخيرة على الجنود، وسار بهم إلى قصر النيل لإنقاذ الضباط الثلاثة، وقد شعر ناظر محطة طرة بهذه الحركة فأرسل تلغرافا إلى الخديو ينبئه بها، فأوفد الخديو أحد ياورانه لمقابلة خضر وإخباره بما تم من الإفراج عن الضباط الثلاثة، وإقناعه بالرجوع من حيث أتى وإطلاق سراح الضباط الذين سجنهم بطرة ... فلم يلق الياور إليه أذنا صاغية، واستمر الجند سائرين بقيادة خضر أفندي خضر، وسار بهم إلى ميدان عابدين لكي يشاهدوا الضباط الزعماء بعد الإفراج عنهم، فلما وصلوا إلى ميدان عابدين، استقبله الآلاي الأول بالتعظيم العسكري وعزف الموسيقى، وتقدم ضباط آلاي طرة إلى عرابي وصاحبيه فهنئوهم بالسلامة وتعانقوا فرحين مستبشرين ... واحتشد الناس في الميدان لمشاهدة هذا المنظر الذي لم يألفوه من قبل، وعندئذ وقف عرابي خطيبا بأعلى صوته، وأثنى على إخلاص الضباط والجند لإنقاذه وإنقاذ صاحبيه من السجن. (1-2) أول انتصار لعرابي
كان احتشاد جنود الآلايين بأسلحتهم في ميدان عابدين كافيا لإيقاع الاضطراب في نفس الخديو وحاشيته، وقد استدعى وزراءه وخاصة رجاله حين بلغه نبأ ما حدث في قصر النيل، وتشاوروا فيما يصح عمله إزاء هذه الحركة ... فأشار محمود سامي باشا البارودي - وكان وقتئذ وزيرا للأوقاف - بإجابة طلبات الجند، وقال: إني أراهم مطيعين بدليل هتافهم باسم الخديو، ولم ير الخديو بدا من الإذعان، واتفق الرأي على أن يذهب البارودي باشا يصحبه خيري باشا رئيس الديوان الخديوي؛ ليقابلا عرابي وصاحبيه ويتعرفا ما يطلبون، فقابلاهم وعرفا منهم أنهم يطلبون عزل عثمان باشا رفقي، ويلتمسون العفو عنهم؛ لأن عثمان باشا هو السبب فيما حدث، فعاد البارودي وخيري باشا إلى الخديو وعرضا عليه حديثهما مع الضباط الثلاثة، فأمر باستدعائهم فحضروا والتمسوا منه العفو فعفا عنهم.
واستقال عثمان باشا رفقي، وأصدر الخديو أمره بإسناد وزارة الحربية إلى البارودي مع بقاء وزارة الأوقاف في عهدته ... فتم بهذا التعيين ثلاثة انتصارات نالها الحزب العسكري في يوم واحد: أولها إطلاق سراح الضباط الثلاثة، وثانيها عزل عثمان باشا رفقي الذي كان خصما لهم، ثم إسناد وزارة الحربية إلى نصير لهم، ومن هنا توطدت صلات الثقة بين البارودي والضباط، إذ برهن على أنه كان مؤيدا لهم داخل مجلس الوزراء، وظل عضدا لهم وموضع ثقتهم طوال عهد الثورة. (1-3) عرابي والقناصل
وفيما كان عرابي على رأس هذه الحركة أرسل إلى قنصلي إنجلترا وفرنسا كتابا يسوغ فيه عمله، ويبسط فيه شكواه من تصرف الحكومة، وكان البارون «دي رنج» قنصل فرنسا العام يعطف على مطالب الضباط، وينكر على وزير الحربية تصرفاته، وقد عرف في الجملة بالعواطف الطيبة نحو مصر ومناوأته المطامع الإنجليزية فيها.
وقد نقم الخديو ورياض باشا من البارون «دي رنج» عطفه على الضباط الوطنيين وتأييده إياهم ... فأرسل الخديو باتفاقه مع رياض إلى المسيو جول جريفي رئيس جمهورية فرنسا رسالة يشكو فيها مسلك القنصل العام. وكانت نتيجة هذا المسعى استدعاء البارون «دي رنج» إلى فرنسا في 22 فبراير سنة 1881 ثم نقله من منصبه، فغادر مصر على كره من الضباط الوطنيين في أول مارس سنة 1881، وكان نقله انتصارا لوزارة رياض باشا، وقد اغتبط الساسة البريطانيون لهذا النقل؛ لأنهم كانوا يرون في البارون «دي رنج» عاملا مناوئا لهم ومؤيدا للحركة الوطنية في مصر.
وعين بدله المسيو سنكفكس معتمدا وقنصلا عاما لفرنسا في مصر، فحضر إلى القاهرة وقدم أوراق اعتماده إلى الخديو في 26 يوليو سنة 1881 بسراي رأس التين.
Shafi da ba'a sani ba