الثاني: أن يكون جنسه من أقرب متناول الغرض، يقال يكون أقرب للفهم لأنك إذا أتيت شيء بعيدا والحد أقرب منه كان غشا، مثل قول القائل: ما العقار؟ فيقول المانع؛ فإن هذا من أبعد متناول. فإن قيل هلا قلتم المعتصر من العنب ولم يقل الشراب؟
قلنا: إن فيما ذكرناه مزيد ايضاح؛ لأننا بهذا أنه من قبيل الأشربة.
الثالث: [23أ] أن يكون مجنبا عن التكرار، ليس الغرض به الإفادة، والتكرار لا فائدة فيه؛ لأن التكرار على ضربين: تكرار في اللفظ، وتكرار في المعنى.
فالتكرار في اللفظ مثل قولك الجسم الطويل الطويل العريض العريض العميق العميق، فهذا تكرار في اللفظ هو عب لا فائدة فيه.
وأما التكرار في المعنى فمثل قولك في الجسم هو الجسم الطويل العريض العميق الموجود، فهذا تكرار في المعنى؛ فيظن السامع أن تحت هذه الزيادة فائدة، وإنما قلنا إن هذه الثلاثة تخص المعنوي ولا تكون في اللفظي؛ لأن الشرط الأول وهو أن يكون مركبا من جنس وفصل، ولا يعقل في اللفظي؛ لأن التركيب لا يكون في لفظ واحد، وإنما يعقل في المعنوي.
وكذلك الشرط الثاني: وهو أن يكون جنسه من أقرب متناول، لا يسير في اللفظي؛ لأنه حد لا جنس له بخلاف المعنوي.
وكذلك الشرط الثالث: وهو أن يكون مجتنبا من التكرار فلا وجه له في اللفظي؛ لأن من شرط اللفظي أن يكون لفظة بلفظة، وإنما سمي اللفظي لفظيا لأن الغرض به ليس إلا شرح اللفظ لمن جهل مسماه في اللغة، مثل من سمع لفظة الليث وهو يعرف الأسد، ولكنه لم يعلم أن الليث من أسمائه ولو لم يكن يعرف الأسد لما أفاده الحد اللفظي، وسمي المعنوي معنويا لأنه يفيد المعنى لمن جهله ويقومه في نفسه، ولهذا أحتجنا فيه إلى ذكر أوصافه وتركيبا من الجنس والفصل ليعرف المعنى بذلك، ولم يحتج في اللفظي إلى ذلك.
وأما [23ب] الموضع الرابع وهو في طرقه فهي ثلاثة:
Shafi 40