212

Yaqutat Ghiyasa

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Nau'ikan

الخامس: أن هذا بناء منكم على أصل فاسد، وهو أن الذات الواحد لا تعذر منها إلا شيء واحد، وأن كثرت الأفعال يقتضي تكثير الفاعل، وفي علمنا بخلاف ما قلتم ما يبطل ما ذهبتم إليه فإن الفاعل الواحد في الشاهد يصدر عنه أفعال كثيرة على ما سيأتي بيانه في الكلام على النبوة أن شاء الله تعالى.

الوجه السادس: أنا نقول لهم إن الأول الذي هو الباري تعالى قد حصل فيه من الكثرة نضير ما حصل في العقل.

الثاني: فإن الباري تعالى لابد من أن يكون عاقلا لنفسه، وكذلك هو واجب الوجود، وفي نفسه ويستحيل وجوده من غيره، وقد يكثر من ثلاث جهات، فهلا صدر عن الباري ثلاثة: عقل، وفلك، ونفس، فلك كما صدر عن العقل فبطل ما ذكروه من وجه، والحمدلله.

وأما ما يبطل قول الطبائعية فوجه:

أحدها: أن يقال إن ابنائكم الطبع إثبات ما لا عقل، وكفى بالمذهب مسيرا أن لا يعقل.

الوجه الثاني: أن العالم فعل محكم والفعل المحكم لا يصدر إلا من فاعل مختار عالم، وليس هذا حال الطبع، ولهذا لو أخبرنا مخبر أنه سقط ......قطعة من الطين ثم وقعة على الأرض فكانت كورا عجيبا محكما يطيع ذلك الطير أو لغيره، أو أخبرنا بسقوط لوح من بد البحار فكان منه دواة عجيبة محكمة قد أعد فيها ما نحتاج إليه في مثلها، ووضع كل من موضعه على الوجه المطابق للمصلحة، أو كان منه كسر شيء عجيب لعلمنا بطلان قوله وتبادر العلماء إلى تكذيبه.

الوجه الثالث: أنا نقول إذا قلتم إن الإنسان مثلا حصلعلى هذا الترتيب المخصوص المحكم من الثلاثة والأعظاء والحواس لطبع النطفة والرحم وغيرهما مما يذكرونه، وأن في النطفة أجر من حقها لطبعها أن يكون منها العظم وآخرا من حقها أن يكون منها اللحم، وكذلك العين والأذن فنهاية الأمر أنا نسلم ذلك على بعده واستحالته، فإن أخبرونا ما الذي أوجب ترتيب الإنسان على هذا الشكل المخصوص.

Shafi 216