وأما حكاية المذهب وذكر الخلاف فمذهبنا أن الأجسام لم تخلو من الأعراض المحدثة ولم يتقدمها، والخلاف في ذلك مع طبقة من الفلاسفة فإنهم أثبتوها ثم قالوا إنها محدثة فوافقونا في الدعوى الأولى والثانية، وخالفونا في الثالث، فقالوا إن الأجسام كانت خالية عنها فيما لم يزل، وغرضهم بهذا إثبات قدم العالم، وتحقيق مذهبهم أن أصل العالم جوهران بسيطان مفعولان غير متحيزين ولا محسوسين ولا ملموسين، أحدهما يسما هيولا، والثاني صورة، ثم خلت الصورة في الهيولا وتحيزا وتكايفا من بعد ذلك ثم خلتهما الأعراض.
وأما الموضع الثاني: وهو في الدليل على صحة ما ذهبنا إليه وفساد ماذهب إليه المخالف فالذي يدل على ذلك وجوه:
أحدها: ماذكره الشيخ (رحمه الله) وتحريره أن الجسم لو جاز خلوه من الأعراض فيما مضى من الزمان لجاز خلوه عنها الآن، ولا يجوز خلوه عنها الآن، والدلالة مبنية على أصلين:
أحدهما: أن الجسم لو جاز خلوه عن الأعراض فيما مضى من الزمان لجاز خلوه عنها الآن.
والثاني: أنه لا يجوز خلوه عنها الآن.
Shafi 180