والثالثة: أن تكون دائرة بين نفيين نحو قوله زيد لا يخلو إما أن يكون لا في الدار ولا في المسجد، وما ذكرناه من القسمة الأولى الدائرة بين النفي والإثبات، وهذه لا تجوز دخول المتوسط بينها، وهي أحد طرق الحصر؛ لأن العقل لا يجوز أن يكون بين نفي الشيء وإثباته واسطة وذلك معلوم ضرورة، وهذا أحد [87ب] علوم العقل، فإنا إذا قلنا زيد لا يخلو إما أن يكون في الدار أم لا، لم يمكن إثبات قسم بين هذين القسمين فإن زيد لا بد من جهة يكون فيها، وتلك الجهة ليس إلا الدار أو غيرها من سائر الجهات، وإذا لم يكن في الدار كان في غيرها لا محالة وإذا لم يكن في غيرها كان فيها لا محالة، ولا يمكن أن يكون بين كونه فيها وأن لا يكون فيها واسطة.
فأما إذا كانت القسمة دائرة بين إثباتين فإنه يجوز إثبات قسم ثالث ورابع فإنك إذا قلت في زيد أنه لا يخلو إما أن يكون في الدار أو في المسجد أمكن أن يقال أو في الحانوت أو في الحمام وغير ذلك من الجهات.
وكذلك إذا كانت دائرة بين نفيين أمكنت الزيادة، فإنك إذا قلت زيدا لا يخلو إما أن لا يكون في الدار، أو لا يكون في المسجد، أمكن أن يقول ولا في السوق ولا في الحمام.
وأما الأصل الثاني: وهو أن الأقسام كلها باطلة سواء أن القديم قديم لذاته فالذي يدل على ذلك أنا نبطلها قسما قسما، وهذه القسم أحد القسم التي يذكر ويراد بها إثبات الكل نحو ما تقدم في قسمة المرابع فإنا قسمناها إلى ثمانية، وأثبتنا جميعها وقسمة يذكر ويراد بها إبطال الكل نحو ما يذكر في أن الله تعالى لا يجوز أن يكون مشبها؛ لأنه لا يخلو إما أن يكون مشبها لذاته أو لغيره من فاعل أو علة، والأقسام كلها باطلة هذا ما ذكروه.
Shafi 173