352

ورأى شمس المعالي قابوس أن العارض قصارى أمره، وختام عمره، وأنه أحق بوراثة ملكه، وولاية الأمر من بعده، وسلم خاتم الملك إليه من يده، واستوصاه الخير به مادام في فسحة من «4» أمده. وتواضعا «5» على أن ينتقل هو إلى قلعة چناشك متفرغا للعبادة إلى أن يأتيه يقينه، فيسلم له نفسه ودينه، وأن يتفرد الأمير منوچهر بن قابوس «1» بتقرير الملك فريا «2» وتقديرا، وتقديما وتأخيرا. وقدمت إليه عمارية على هذه الجملة، فانتقل إلى القلعة المذكورة مع من رضيه لخدمته، ومعونته على ضروب مصلحته.

وعطف الأمير منوچهر [200 أ] إلى جرجان فولي الصدر، وضبط الأمر، وأخذ يداري القوم ترغيبا وتطميعا، ويمنيهم الإحسان جميعا، وهم على جملة النفور، خيفة الثبور، ما دام شمس المعالي في فسحة البقاء، وزمرة الأحياء. وما زالوا في الاحتيال عليه «3»، حتى فرغوا من «4» أمره، وسلموا كما زعموا من عادية شره. ولم يرضوا به وهو في صوان الأموات، حتى كشفوا عن محياه رداء رداه؛ فطابوا نفوسا حين عدموا شمس المعالي قابوسا، وواروه في مقبرة كان ابتناها لنفسه بظاهر «5» جرجان، على سمت خراسان. وغدا الناس في معناه كما قال مهلهل «6»:

نبئت أن النار بعدك أوقدت ... واستب بعدك يا كليب المجلس

وتفاوضوا في أمر كل عظيمة ... لو كنت شاهدهم بها لم ينبسوا «7»

Shafi 367