وبعثوا إلى الأمير أبي منصور منوچهر بن قابوس وهو بطبرستان، يستحثونه على الورود لعقد البيعة له، وزفاف الملك إليه؛ فطار إليهم بقوادم العقاب، استعظاما للحادث بأبيه، وإكبارا لما نفذ من المكيدة فيه، وطمعا في تدارك الخطب وتلافيه. فلما دنا منهم مضربه توافقوا على طاعته إن خلع أباه، وابتزازه رداء الملك إن أباه. فلم يجد في عاجل الحال غير المداراة، ضبطا لما انتشر، ورشا على ما استعر، وصونا لستر الحشمة من الانخراق، وإبقاء على سكر الفساد من الانبثاق، وإشفاقا على البيت من الضياع، وعلى الملك من التخطف والانتزاع.
وقد كان شمس المعالي لما سمع بنبأ القوم واجتماع كلمتهم على الخلع، عطف بمن وما «1» كان معه من رجال ومال إلى ناحية بسطام، ناظرا ما يسفر عنه عاقبة التحزب، وينتهي إليه نائرة التغلب والتوثب. فلما تسامعوا «2» بنبئه «3» حملوا الأمير منوچهر على قصده، وإزعاجه عن مكانه أو رده؛ فسار معهم إليه مضطرا، ودافعا [199 ب] بالشر شرا، كالجمل الأنف إن قيد انقاد، وإن أنيخ على صخرة استناخ. فلما وصل إلى أبيه، أذن له دون من يليه من أتباعه وحواشيه، إذ قام دونه من خاصته، رجال يرون الموت شهدا دون خذلانه، والروح وقفا على شكر إحسانه. فلما وصل إليه كفر طاعة وخضوعا، وأسال أردية الشؤون دموعا. وتشاكيا صورة الحادث، وتذاكرا حقي المورث والوارث، وغرض الأمير منوچهر أن يكون حجابا بينه وبين أعاديه، وإن ذهبت نفسه فيه.
Shafi 366