205

وقد كان خلف بن أحمد عند انصراف راية «5» السلطان عن وجهه، عهد إلى ولده طاهر في أعمال سجستان، وأسند أمورها إليه إيثارا له على نفسه، وهداء «6» لكريمة الملك إليه قبل وقته، تثبيتا «7» لها في ملكه، قبل استحقاقه إياها بإرثه، تعريضا للسلطان باستعفائه عن الملك، وإقباله على النسك، واعتياضه تواضع العبادة، عن ترفع السيادة، ليقطع بخروج الأمر عن يده طمعه عن قصده وحصده «8». فلما تنفست «9» المدة على ما ولاه، نطقت شواهد الجحود في اختياره، وبدت نواجذ العقوق عن ثني آثاره. فلم يزل يلاطفه ويداريه، حتى أعماه عما [116 أ] نواه «1» فيه. ثم تمارض «2» في الحصار المذكور، واستدعى ابنه لقبول الوصية، وتسليم الودائع الخفية، فغفل «3» عن سر التدبير، وتدبر العقاب والنكير، وأقبل «4» إقبال طرفة بن العبد، على خصلتي الضبع، من ضرب الجيد أو حز الوريد «5».

وقد كان خلف بن أحمد كمن له مقانب «6» من جيشه، فأحاطوا به إحاطة خيل الزباء بجذيمة الوضاح «7»، إلى أن حصل في معتقله «8»، وحبس في مكمن أجله، وبقي في السجن على حاله، إلى أن أخرجت جنازته محالا «9» عليه في قتل نفسه، والجناية على روحه ودمه.

Shafi 213