وأراد أخيرا أن يهدئ شعبه ببعض الإصلاحات، فقام بالإصلاحات التي تتناول الحكومة المحلية والشرطة والصحة ومراقبة المطبوعات وإحداث دائرة للمعارف، ومنح الحرية المدنية للبروتستان ، وفي زيارته السنوية إلى جنوة طلب أهلها منه العفو عن أنصار مازيني، وطرد اليسوعيين، وساروا في مظاهرة يهتفون فيها «اجتازوا نهر تسينا فسنكون معكم.» وبينما كانوا يهتفون له توهم بأنه سمع بعض الهتافات لمازيني فما كان منه إلا أن أمر بمنع الاجتماعات في المدينة، الأمر الذي ألقى الماء البارد على حماسة الأهلين.
ولما عاد إلى تورينو لم يرق له الظهور أمام شعبه بل ذهب إلى قصره خلسة، ومع ذلك كله فقد ظل على عزمه بمقاتلة النمسا إذا أرادت أن تتقدم، وزاد الطين بلة أن ماتت حينذاك أرملة نابليون دوقة بارمه، وبموجب معاهدة فلورنسة يجب أن تنظم الدوقة إلى دوقية لوكا مع أن هذه الدوقية كانت قد التحقت قبل هذا بطوسكانه، وكان أهل الدوقية يرغبون في الانضمام إلى طوسكانه ولوكا بدلا من أن تقسم ويعطى قسم منها إلى مودينه والآخر إلى طوسكانه لأنهم كانوا ينفرون من حكومة مودينه المستبدة.
وكانت حكومة طوسكانه قد تريثت وتربصت حتى احتلت قوات الدوق
تؤدي إلى دخول طوسكانه الحرب إلا أن الحكمة تغلبت، وعلى الرغم من تهديد دوق مودينه بالانضمام إلى الاتفاق التجاري وبعد مؤتمرات طويلة عريضة وتضايق بالمرستون الشديد؛ أذعن مترنيخ وأمر بسحب قواته من فراره.
الفصل الحادي عشر
القوانين الأساسية
1847-1848
كانت أوائل سنة 1948 تتمخض عن تغيرات في جميع أوروبا فالاضطرابات التي وقعت في هنغارية وبوهيمية في سبيل الحصول على الحكم الذاتي، والنزاع بين الهنغاريين والخرواتيين كان ينذر بانحلال الإمبراطورية النمسوية، أما انعقاد الديت البروسي ونقاشه الحكومة نقاشا عنيفا ثم حله أمورا ساقت جميع ألمانية إلى حركة دستورية عظيمة الشأن، وأضعفت الحوادث في فرنسة شأن لويس فيليب ورئيس حكومته «جيزو» وشجعت الأحرار الاشتراكيين على العمل والاندفاع، وظاهرت إنجلترة نجاح الاتحاد التجاري ضد تشريع الحبوب الذي عده الأحرار في أنحاء أوروبا مثالا حسنا.
وفي إيطاليا عقدت النمسة معاهدات مع دوقيات وادي بو من شأنه أن يجعلها دولة تابعة لها بكل معنى الكلمة ، وكانت بيمونته وطوسكانه وروما من ناحية أخرى قد سلكت سياسة حذر تجاه النمسة، وساد الاعتقاد بألا فائدة من الإصلاحات ما لم يخرج النمسويون من لمبارديه وفنيسيه، وكان في نابولي نفسها قد انضم أحرارها إلى صفوف أحرار إيطالية، وكونت الحوادث اعتقادا في البلاد بأن النمسة سوف تقهر وأن النمسويين سوف يطردون إما بمساعدة دولة أجنبية وإما بانتصار جيوش الأحرار في إيطالية، أو بثورة عامة.
ولم تعتمد إيطالية على المساعدة الأجنبية في ذلك الوقت إلا قليلا، وقد أخبر لويس فيليب شارل ألبرت بإشارة مترنيخ بأنه يجب ألا يعتمد على مساعدة فرنسة، وكانت إنجلترة تعطف كثيرا على إيطالية إلا أن رئيس حكومتها بالمرستون كان يلوح لها بوعود غامضة يبغي من ورائها أن تمتنع بيمونتيه عن الحرب.
Shafi da ba'a sani ba