في تلك الدور الجافية ألفت أحزاب ودبرت مؤامرات غيرت وضع العراق من حال إلى حال.
وكانت لتلك الدور الجافية تقاليد، أهمها الباب المفتوح للجائعين والملهوفين.
إليك أيتها الدور الجافية وإلى ما يعلوك من رواشن وما يحيط بك من مضايق، إليك في خشونتك التي أراها أنعم من خدود الملاح أقدم تحيتي وثنائي.
أما بغداد الجديدة فتصورها الضواحي التي أنشئت على النظام الحديث.
وهذه الضواحي تمتد إلى آفاق بعيدة على شواطئ دجلة، وفيها يعيش المياسير من أهل بغداد، هي ضواح لا تقاس إلى الجيزة أو مصر الجديدة أو المعادي أو حدائق القبة، ولكنها بالنسبة إلى بغداد القديمة تعد انتقالا سريعا إلى أجواء الرفاهية واللين.
وفي الأحياء الجديدة ميل شديد إلى الأناقة والتنسيق، ولن تمضي غير سنين قلائل حتى تخلق بغداد كلها خلقا جديدا، بفضل أبنائها الذين يزورون مصر وغير مصر فينقلون إلى وطنهم بذور الحضارة والعمران. •••
ليس في بغداد مواصلات سريعة على نحو ما في القاهرة أو الإسكندرية، فليس فيها ترام ولا مترو، وسيارات التاكسي قليلة جدا، وإنما يعتمد أهل بغداد على عربات تجرها الخيل، وهناك سيارات عمومية تسمى «باسات»، وهي قذرة وضيقة ولا يركبها في الغالب إلا الطبقة الشعبية.
والنساء في بغداد يؤثرن الحجاب، وهو الزي الغالب على النساء المسلمات، والسفور لا يشيع إلا بين نساء النصارى واليهود، على أن تلميذات المدارس من المسلمات ينتقلن رويدا رويدا إلى السفور، ومن المنتظر أن يصرن بعد نحو عشرين عاما إلى ما صار إليه الفتيات القاهريات، إن لم تقع موجة اجتماعية تردهن جميعا إلى مأثور الحجاب.
وأهل بغداد لا يشربون الخمر على قارعة الطريق كما يقع في بعض الحواضر المصرية، وإنما يشربونها في فنادق مغلقة الأبواب، وذلك أدب مقبول.
وقد أذيعت منذ أشهر أوامر توجب أن لا تقدم الخمر في الفنادق والملاهي بعد الحادية عشرة مساء، حفظا لصحة الشعب وآدابه من التبديد.
Shafi da ba'a sani ba