قال وهو ينظر تجاه القبة: «أحب تلك الزينة.» «إنه علم من الحرير اشتراه الأولاد الذين في السنة النهائية من أموال المعونة الرياضية التي يحصلون عليها. نصحتهم ألا يرفعوه في هذا المطر، ولكن أخبرني رائد الفصل أنهم اشتروا ذلك العلم من أجل العواصف.» «اركبي وسآخذك إلى المنزل.»
أمسكت بيده الممدودة، ووضعت قدمها على محور العجلة، وصعدت وتسلقت حتى وصلت للمقعد الذي بجانبه. صاح كلود في الخيول كي تمشي. «إذن، يشعر الأولاد في المدرسة الثانوية كأنهم في حرب هذه الأيام، أليس كذلك؟» «بشدة. ما رأيك؟» «أعتقد أن الفرصة ستتاح أمامهم للتعبير عن مشاعرهم.» «هل تظن ذلك يا كلود؟ يبدو لي أن هذا غير حقيقي إلى حد بعيد.» «لا أرى شيئا آخر يبدو حقيقيا جدا أيضا. أنا ذاهب لأخذ حمولة أخشاب، ولكن لا أتوقع بتاتا أن أدق مسمارا فيها. هذه الأشياء لا تهم الآن. لا يوجد سوى شيء واحد علينا إنجازه، ولا يهم سوى شيء واحد؛ إننا جميعا نعلم ما هو.» «تشعر أنه يقترب كل يوم أكثر من ذي قبل؟» «كل يوم.»
لم ترد جلاديس بشيء. لم تفعل سوى أن نظرت إليه بجدية بعينيها البنيتين الهادئتين الجياشتين بالعاطفة. توقفا أمام المنزل المنخفض التي كانت نوافذه ممتلئة بالزهور. أمسكت بيده وقفزت على الأرض، وظلت ممسكة بها للحظات حتى ودعته. عاد كلود بالعربة إلى مخزن الأخشاب. في مكان مثل فرانكفورت، فتى زوجته في الصين ويذهب لرؤية جلاديس ما كان ليستطيع النجاة من القيل والقال.
8
في شهر مارس البارد، كان السيد ويلر يذهب إلى المدينة في عربته كل يوم تقريبا. لأول مرة في حياته، كان يشعر بقلق خفي. لم يكن راضيا عن الفرد الوحيد في عائلته الذي لم يسبب له من قبل أدنى مشكلة، ألا وهو ابنه بايليس.
كان بايليس من دعاة السلام، وما برح يخبر الناس أن لو بقيت الولايات المتحدة خارج الحرب، وجمعت ما كان يهدره الأوروبيون، فسرعان ما ستستحوذ فعليا على ثروة العالم. عبارات بايليس كان يتخللها شيء من المنطق زعزع افتراض نات ويلر الراسخ أن علينا قبول كل وجهات النظر. لما حارب بايليس الكحوليات والسجائر، اكتفى ويلر بالضحك. إن كون ابنه من أنصار حظر الكحوليات لهو مزحة يمكن أن تثير إعجابه. ولكن موقف بايليس في الأزمة الحالية أزعجه. ويوما بعد يوم، بدأ يجلس في مقر عمل ابنه يقاطع مناقشاته بقصص مضحكة. لم يذهب بايليس إلى المنزل مطلقا في ذلك الشهر. قال لوالده: «لن أذهب؛ فأمي عنيفة جدا. الأفضل ألا أذهب.»
كان كلود ووالدته يطلعان على الجرائد في المساء، ولكنهما كانا لا يتناقشان كثيرا فيما كانا يقرآنه لدرجة أن تساءلت ماهيلي قلقة هل كان لا يزال القتال قائما أم لا. عندما تكون ماهيلي وكلود معا بمفردهما بضع لحظات، فإنها كانت تخرج صور ملاحق يوم الأحد الخاصة بالبلدان المنكوبة وتسأله عما سيكون مصير عائلة ما مصورة وسط أنقاض منزلها، أو امرأة عجوز كانت تجلس على قارعة الطريق ومعها متاعها. «إلى أين ستذهب، على أي حال؟ انظر يا سيد كلود، إنها تحمل معها إناء الطهي الحديدي المثقوب القديم الخاص بها طوال الطريق!»
أربكتها صور الجنود الذين يرتدون الأقنعة الواقية من الغازات السامة، لم تكن الغازات موجودة في أيام الحرب الأهلية؛ ومن ثم توصلت إلى قناعة مفادها أن تلك الأقنعة كان يرتديها الطهاة في الجيش لحماية أعينهم وقت تقطيع البصل! قالت: «عليهم تقطيع كمية كبيرة من البصل؛ وهذا سيتعب أعينهم إن لم يرتدوا شيئا يقيها.»
في صباح الثامن من أبريل، نزل كلود إلى الطابق السفلي مبكرا، وبدأ في تنظيف حذائه العالي الرقبة الذي علق فيه طين جاف. وجد ماهيلي جالسة القرفصاء بجانب موقدها تنفخ وتنفث فيه. كانت النار دائما بطيئة الاشتعال في الطقس البارد. أخذ كلود سكينا قديمة وفرشاة، ووضع قدمه على كرسي بجانب النافذة الغربية، وبدأ في كشط الطين من إحدى فردتي حذائه. قال لماهيلي صباح الخير، دون أن يضيف أي شيء آخر. لم يأخذ قسطا كافيا من النوم وبدا شاحبا.
تذمرت ماهيلي قائلة: «سيد كلود، هذا الموقد ليست نيرانه جيدة مثل الفرن القديم الذي أخذه السيد رالف مني. لا أستطيع طهي أي شيء به. ربما ستنظفه لي يوم الأحد القادم.» «سأنظفه لك اليوم، إذا أردت. لن أكون هنا الأحد القادم. أنا مسافر.»
Shafi da ba'a sani ba