80

لما جلسا على مائدة العشاء في الصالة الخلفية بعد ساعة، بدت إنيد مهمومة كأن قرارها هذه المرة كلفها شيئا ما. استهلت كلامها بابتهاج: «أعتقد أنك قد تقضي شتاء مريحا في منزل والدتك. لن يكون لديك الكثير لتهتم به كما تفعل هنا. لا ينبغي أن نقلق بشأن الأشياء هنا. سآخذ الأواني الفضية إلى أمي، ويمكننا ترك كل شيء في مكانه هنا. هل توجد مساحة لسيارتي في مأرب والدك؟ قد تستفيد منها.»

أجاب وهو يجاهد كي لا يظهر اهتمامه: «أوه كلا! لن أحتاج إليها. سأركنها في منزل الطاحونة.»

بدت جميع الأشياء المألوفة من حولهم تحت ضوء المصباح أكثر سكونا وجدية من المعتاد، وكأنها كانت تحبس أنفاسها.

أردفت إنيد بنبرة هادئة: «أعتقد أن الأفضل أن تأخذ الدجاج إلى منزل والدتك. ولكني لا أحب أن يختلط بدجاج البليمث روك الذي عندها؛ لا يوجد في دجاجي أي ريش أسود الآن. احرص على أن تطلب من والدتك أن تستخدم كل البيض، وألا تدع دجاجي يرقد على البيض في الربيع.»

رفع كلود نظره عن طبقه. «في الربيع؟» «بالطبع يا كلود. لا أظن أنني سأعود قبل الشتاء القادم، إن كان بإمكاني تقديم أي مساعدة لكاري المسكينة. ربما أحاول أن أعود من أجل موسم الحصاد، إن كان هذا سيناسبك أكثر.» نهضت كي تحضر الحلوى.

تمتم وهو ينظر إليها وهي آخذة في الاختفاء من أمامه: «أوه، لا تتعجلي الرجوع من أجل إرضائي!»

عادت إنيد وفي يدها البودينج الساخن وعدة قهوة العشاء. قالت: «أتانا هذا الظرف فجأة، ويجب أن نضع خططنا المتعلقة به من فورنا. أعتقد أن والدتك ستسعد أن تربي روز من أجلنا؛ إنها بقرة رائعة. وعندئذ يمكنك الحصول على كل القشدة التي تريدها.»

أخذ الفنجان الصغير الذي له حافة ذهبية الذي أعطته إياه. وقال بأسلوب فظ: «إذا كنت ستمكثين هناك حتى الخريف القادم، فسأبيع روز.» «ولكن لماذا؟ قد تستغرق وقتا طويلا حتى تعثر على بقرة أخرى مثلها.» «سأبيعها على أي حال. بالطبع الخيول ملك لأبي؛ فهو دفع ثمنها. إذا كنت ستخلين المكان، فقد يرغب في استئجاره. يمكن أن تجدي مستأجرا هنا عندما تعودين من الصين.» ابتلع كلود قهوته ووضع الفنجان جانبا، ودخل إلى الصالة الأمامية وأشعل سيجارا. ظل يروح ويجيء وعيناه لم تنزل عن زوجته التي كانت تجلس ساكنة على الطاولة في دائرة الضوء التي يبثها المصباح المعلق. أظهر رأسها الذي كان يميل إلى الأمام قليلا الجزء المنمق من شعرها البني. عندما كانت تقع في حيرة، لا يبرح وجهها أن يصبح أرفع وذقنها أطول.

قال كلود من الغرفة الأخرى: «إن لم تعودي تهتمين بالمكان، فلا تتوقعي مني أن أحضر إلى هنا وأعتني به. طوال الوقت الذي كنت تقضينه في حملاتك الخاصة بحظر الكحوليات، كنت أؤدي دور مدبر المنزل هنا.»

ضاقت عينا إنيد، ولكن لم تتورد وجنتاها. لم يسبق أن رأى كلود حمرة تعلو وجه زوجته الشاحب الناعم. «لا تكن كالأطفال. أنت تعلم أنني أهتم بهذا المكان لأنه بيتنا. ولكن لا يمكن لأي اهتمام أن يكون صحيحا إذا منعني من أداء الواجب. أنت بصحة جيدة، ويمكنك الذهاب إلى منزل والدتك. كاري مريضة وتعيش بين أناس غرباء.»

Shafi da ba'a sani ba