46

فوجئ كلود. «أنا؟ يا إلهي، ليس لدي العديد من الاهتمامات! لقد بلغت مني التعاسة مبلغا عظيما. لم أهتم بالذهاب إلى الكلية حتى كان علي التوقف عن الذهاب، ثم شعرت بالأسف لأنني لم أستطع العودة. أظن أن الحزن بشأن ذلك أتعبني طوال الشتاء.»

نظرت إليه باندهاش هادئ. «لا أعرف السبب وراء تعاستك؛ فأنت لك مطلق الحرية.» «حسنا، ألا تتمتعين بالحرية أنت أيضا؟» «لست حرة كي أفعل ما يحلو لي. الشيء الوحيد الذي أريده حقا هو السفر إلى الصين ومساعدة كاري في عملها. تظن أمي أني لا أتمتع بالقوة الكافية. ولكن كاري لم تكن قوية هنا مطلقا. إنها أفضل في الصين، وأظن أنه قد أكون كذلك هناك.»

شعر كلود بالقلق. لم ير إنيد منذ جولة مركبة الجليد؛ إذ كانت حينها أكثر مرحا من المعتاد. وبدا الآن أنها أصبحت فاترة الهمة. «يجب أن تتخلصي من تلك الأفكار يا إنيد. ما ينبغي لك أن تهيمي على وجهك بمفردك هكذا. فهذا يحولك إلى إنسان غريب الأطوار. ألا يوجد الكثير من أعمال التبشير التي يمكن المشاركة فيها هنا؟»

تنهدت. «هذا ما يقوله الجميع. ولكن لدينا جميعا هنا فرصة لمعرفة الحق، فقط لو استطعنا استغلالها. لكن تلك الفرصة غير متاحة لهم. لا أتحمل التفكير في كل هؤلاء الملايين الذين يعيشون ويموتون في الظلام.»

نظر كلود إلى المنزل الكئيب الكائن خلف أشجار الأرز، ثم نظر إلى الحقول اللامعة الناعمة التربة. شعر كأن له يدا في حزن إنيد. لم يكن نعم الجار لها في العام الماضي. «الناس هنا أيضا يمكن أن يعيشوا في الظلام، إلا إذا حاربوه. انظري إلي. أخبرتك أنني ظللت مكتئبا طوال فصل الشتاء. نشعر جميعا بوجود ود كبير فيما بيننا، ولكننا نتعثر في خطانا ولا نجتمع معا أبدا. أنا وأنت صديقان قديمان، ولكننا نادرا ما يرى أحدنا الآخر. تقول أمي إنك ظللت تعدينها مدة سنتين بأن تجهزي نفسك وتزوريها. لماذا لم تأتي؟ كانت ستسعد بزيارتك.» «سأفعل إذن. ما دامت والدتك أحبت ذلك.» توقفت للحظة، وأخذت تبرم خيوط قلنسوتها وهي شاردة الذهن، ثم انتزعتها من رأسها بحركة سريعة ونظرت إليه في الضوء الساطع مباشرة. «كلود، لم تصبح حقا مفكرا حرا، أليس كذلك؟»

ضحك بملء فيه. «عجبا، ما الذي جعلك تظنين ذلك؟» «يعرف الجميع أن إرنست هافل كذلك ... ويقول الناس إنك وإياه تقرآن ذلك النوع من الكتب معا.» «هل لذلك علاقة بصداقتنا؟» «نعم، له علاقة. تضاءل قدر الثقة الذي أشعر به تجاهك. قلقت من ذلك قلقا كبيرا.»

قال بسرعة: «حسنا، كفي عن هذا القلق. أحد الأسباب أنني لا أستحقه.»

هزت رأسها بلوم وقالت: «أوه، نعم، أعلم ذلك! لو أن للقلق أي منفعة ...»

أمسك كلود بدعامتي السياج اللتين توجدان بينهما بكلتا يديه. «سيكون له منفعة! ألم أخبرك أنه يوجد الكثير من أعمال التبشير التي يمكن المشاركة فيها هنا؟ أهذا هو السبب الذي جعلك متحفظة تجاهي في السنوات القليلة الماضية؛ لأنك تعتقدين أنني ملحد؟»

تمتمت: «تعلم أنني لم أحب قط إرنست هافل.»

Shafi da ba'a sani ba