31

لما استيقظ، اكتشف أنه فات على ما بعد الظهيرة وقت طويل. كان المنبه الموجود على الرف يدق بصوت عال في الغرفة الساكنة، ويبعث موقد الفحم وهجا دافئا. بدت النباتات المزهرة في النافذة البارزة الجنوبية أينع وأنضر من المعتاد بسبب الضوء الأبيض الناعم الذي يأتي من الثلوج المتساقطة. كانت السيدة ويلر تقرأ بالقرب من النافذة الغربية، وتحيد بنظرها بعيدا عن كتابها بين الفينة والأخرى كي تحملق في السماء الملبدة بالغيوم والحقول الكئيبة. صنع النهير فجوة بنفسجية متعرجة عبر المراعي ومن بعده الأشجار في أجمة سوداء كانت يعلوها طبقة غريبة من الثلوج. استلقى كلود بعض الوقت من دون أن يتحدث وهو يشاهد مظهر أمه المنعكس في الزجاج، ويفكر في كيف سيكون تساقط الثلج الخفيف هذا الذي يتشبث بالأشياء جيدا بالنسبة إلى حقول القمح الخاصة به.

سأل من فوره: «ماذا تقرئين يا أمي؟»

التفتت برأسها إليه. «لا شيء جديد جدا. بدأت لتوي في قراءة قصيدة «الفردوس المفقود» مرة أخرى. لم أقرأها منذ مدة طويلة.» «هلا قرأتها بصوت عال؟ من مكانك. أحب أن أسمعها.»

كانت تتأنى السيدة ويلر في القراءة دوما بحيث تعطي لكل مقطع حقه. صوتها الذي كان بطبيعته ناعما وحزينا بعض الشيء كان يتناغم مع الأوزان الشعرية الطويلة وأسماء الشخصيات الشريرة المأخوذة من الكتاب المقدس، التي كانت كلها مألوفة لها وزاخرة بالمعاني. «قبو موحش مخيف، من كل الجهات،

وفرن عظيم يلتهب، ومع ذلك فإن اللهب

لا يضيء، بل ظلام واضح

لا يفيد إلا في اكتشاف مناظر الكرب.» [ترجمة حنا عبود]

اضطرب صوتها وكأنها كانت تحاول أن تفهم شيئا. أخذت الغرفة تظلم أكثر وأكثر وهي تتوغل أكثر وأكثر في الاستعراض المنمق للآلهة الوثنية الذي يزخر بالقصص والصور المهيبة لأسباب غير معلومة. اختفى النور في النهاية، وأغلقت السيدة ويلر الكتاب.

علق كلود وهو على الأريكة: «هذا رائع. ولكن لا يستطيع ميلتون الاستغناء عن التحدث عن الأشرار في أعماله، أليس كذلك؟»

نظرت إليه السيدة ويلر. وسألته بمكر: «أهذه مزحة؟» «أوه، كلا على الإطلاق! ما أدهشني فقط أن هذا الجزء مثير للاهتمام أكثر بكثير من الأجزاء التي تتحدث عن السعادة التامة في الجنة.»

Shafi da ba'a sani ba