Wadi Natrun
وادي النطرون: ورهبانه وأديرته ومختصر تاريخ البطاركة
Nau'ikan
صلى الله عليه وسلم
شهد فتح مكة وروى عنه أبو تميم الجيشاني وأسلم مولي نجيب وسعيد بن عبد الرحمن الغفاري. وكان قد اعتزل عند فتنة عثمان رضى الله عنه بهذا الوادي فعرف به وكان يقول لا يفرق بين قضاء دين رمضان ويجمع بين الصلاتين في السفر. ويقال لهذا الوادي أيضا: وادي الملوك، ووادي النطرون، وبرية شيهات، وبرية الاسقيط، وميزان القلوب. وكان به مائة دير للنصارى وبقى به سبعة ديورة. وقد ذكرت عند ذكر الاديار من هذا الكتاب - إلى أن قال - ويذكر أنه خرج منه سبعون ألف راهب بيد كل واحد عكاز. فتلقوا عمرو بن العاص بالطرانة مرجعه من الاسكندرية يطلبون أمانه لهم على أنفسهم وأديارهم. فكتب لهم بذلك أمانا بقى عندهم. وكتب لهم أيضا بجراية الوجه البحري فاستمرت بأيديهم. وإن جرايتهم جاءت في سنة زيادة على خمسة آلاف إردب وهي الآن لا تبلغ مائة إردب. ا.ه.
وعدد السبعين ألف راهب الذي ذكره المقريزي في عبارته الآنفة لاريب في أن فيه مبالغة كبيرة. فقد روى المعاصرون كما سبق ذكر ذلك أنه لم يكن يوجد في هذه المنطقة أكثر من 3500 راهب في أواسط القرن السادس الميلادي. وأنه لما كان دميانوس بطريركا أغار البربر على وادي النطرون ففر منه رهبانه. وأنه لما زاره بعد ذلك البطريرك بنيامين حوالي سنة 630م أي قبل الفتح العربي بعشرة أعوام، وجد به عددا قليلا من الرهبان بسبب العوائق التي كانوا يلاقونها من البربر في سبيل تجمعهم من جديد. بل يؤخذ من هذه الرواية أن عدد الثلاثة آلاف والخمسمائة راهب الذين وجدوا في أواسط القرن السادس الميلادي كان قد نقص كثيرا قبيل الفتح العربي.
وجاء في كتاب (تاريخ البطاركة ص 326) أنه بعد الفتح العربي بقليل أعيد بناء أديرة وادي النطرون بوساطة البطريرك بنيامين. وكان ذلك في أواخر ولاية عمرو بن العاص على مصر وقبل أن يخلفه عليها عبد الله بن سعد بن أبي السرح سنة 26ه (647م). وقد زار البطريرك بنيامين وادي النطرون لتدشين الكنيسة الجديدة التي كان قد تم بناؤها على الجبل المقدس وهو مقر مقار الكبير في سفح الصخور التي بين قلالي الرهبان. وكان قبل أن يذهب إلى دير أبي مقار للقيام بالمهمة التي أتى من أجلها زار دير البراموس.
وورد في كتاب (بحث عن رهبان مصر) لمؤلفه كونبرج ص 87 أنه في عهد هذا البطريرك نقل رفات التسعة والاربعين شيخا الذين ذبحهم البربر في صحراء شيهات.
وروى أميلينو في كتابه (جغرافية مصر في عهد القبط) أثناء الكلام على بلدة «بيامون» أن رهبانا دفنوا هؤلاء الشيوخ عقب وفاتهم في مغارة مطهرة بالقرب من البرج الكبير الذي يقال له «بيامون».
وقال كونبرج إنه صار نقل رفاتهم إلى مدفن أقيم لهم خاصة باعتبارهم شهداء في دير أبي مقار. وأضاف إلى ذلك أن البطريرك بنيامين أتى بنفسه وأقام حفلة دينية استثنائية لهذا الغرض ويظهر أنه انتشل بيديه جثث هؤلاء القديسين جثة جثة وناولها للرهبان والشمامسة.
وجاء في كتاب (تاريخ البطاركة) ص 552 وما بعدها أنه قبل نهاية عهد مرقس الثاني البطريرك التاسع والاربعين بزمن يسير كان وادي هبيب كفردوس النعيم. غير أن هذا النعيم لم يدم حيث أغار البربر على هذا الوادي وأنزلوا به الخراب وهدموا الكنائس وقلالي الرهبان وأسروا كثيرا منهم. أما بقيتهم فهربوا في جميع أنحاء القطر خوفا على أنفسهم. وقد بعث هذا الحادث الغم في قلب البطريرك وآلمه كثيرا. فكان يبكي ليلا ونهارا لهذا المصاب وبالاخص لتدمير الاديرة والكنائس المقدسة الواقعة في وادي هبيب الذي كان أقدس الاماكن وأمسى بعد هذه الكارثة مرعى للحيوانات المفترسة. ويظهر أن هذا الحادث أثر في نفس البطريرك مرقس الثاني تأثيرا شديدا أدى إلى وفاته.
ثم خلفه يعقوب البطريرك الخمسون (عام 819-830م). وكان من رهبان دير أبى مقار وتركه عند إغارة البربر على وادي هبيب ولجأ إلى دير آخر في مصر العليا مرتقبا وقتا مناسبا يعود فيه اليه. أما الرهبان الآخرون فقد تفرقوا في مختلف بلدان القطر وأديرته ماعدا البعض القليل منهم الذي بقى في الصحراء وصانه المولى من كل أذى.
وبعد أن ترك هذا البطريرك دير أبي مقار بقليل رأى رؤيا يحث فيها على الرجوع إلى وادي هبيب. فعاد اليه فعلا ووجد فيه إخوانه فمكث معهم مصبرا لهم ومقويا قلوبهم إلى أن استدعى من هذا الوادي لتولي البطريركية.
Shafi da ba'a sani ba