عيون المسائل والجوابات
عيون المسائل والجوابات
Nau'ikan
============================================================
الفن الخامس: من كتاب عيون المسائل والجوابات ووصل إلى النعيم. وقد ثبت أن ما فعل بالمؤمن إحسان، وذلك مثله، فهو احسان. وإفساد المفسد وعطبه بجناية على نفسه لا يغير أن أمر له بالصلاح وتعريضه إياه للخير، وإن علم أنه يعصي فيعطب. كما أن صلاح الصالح واحسان المحسن ومصيرة إلى الخير والنعمة يجب باختياره لنفسه، لا يغير أن أمر الآمر بالفساد والإساءة وتعريضه إياء للعطب، وإن علم أنه يصير إلى خير ونعمة، وأنه يخالفه فيما أمر به فيحسن ويصلخ، فلو جاز... صح من أنه احسان بغير الخلق لمن يعلم أنه يكفر، وإنعام وتعريض للخير والسلامة...
يفعله الحكيم، وهو أنه يعلم أنه يوجد معه نفع الخلق لا يحصون، ومصير إلى
خير ونعمة، وتكون العلة في ذلك أن قوما يجنون على أنفسهم بسوء اختيارهم، ولو شاء أن يفعلوا إذقد أقدروا ومكنوا ويشر عليهم وخذروا وأنذروا، ولجاز أن يكون الحكيم في خبر يخبره به إذا علم أن جماعة من عبيده لا يعطبون مع وجود ذلك ويعطبون مع عدمه أن يسوء بنفسه، ويبيح حرمته لفساد وخير آنه اذا كانت الحرمة لا يكره ذلك، ولا يأباه، بل يريده.
فإن قالوا: هذا لا يجوز؛ لأنه قبيخ. وليس على الحكيم أن يفعل القبيح، وإن كان إذا لم يفعل لم يعطب قوم، وإذا فعله عطبوا، لاسيما إذا كانوا إنما يعطبون بسوء اختيارهم وخيانتهم على آنفسهم، ولو شاؤوالم يعطبوا، بل سلموا ونالوا الخير. [قلنا]: وترك ما ذكرنا لا يجوز؛ لأنه ترك الإحسان والصواب والنفع، واقتطاع عن الخير. وذلك قبيخ ليس على الحكيم أن يدخل في القبيح. وإن كان إذا فعله عطب قوم فإذا لم يفعله عطبوا، لاسيما إذا كانوا ممكنين من أن لا يعطبوا، أو كانوا إنما يصيرون إلى ذلك بسوء اختيارهم وقد مكنوا وخذروا وأنذروا.
Shafi 655