لم يوح الله إلى نبيه (ص) وانه يهتدى بغير ما اهتدى به النبي (ص)، وأوجبتم لمعاذ ان رأيه في الهدى كالذي أوحى الله إلى نبيه (ص) فرفعتم مرتبته فوق مرتبة النبوة إذ كانت النبوة بوحي ينتظر ومعاذ لا يحتاج إلى وحى بل يأتي برأيه من قبل نفسه، فمثلكم كما قال الله تعالى: فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا، أو قال: أوحي إلى ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله (1)، فصار معاذ عندكم يهتدى برأيه ولا يحتاج في الهدى إلى وحي والنبي يحتاج إلى وحى، ولو جهد الملحدون على ابطال نبوته (ص) ما تجاوزوا ما وصفتموه به من الجهل.
ثم أخبرنا الله تعالى ان أصل الاختلاف في الأمم كان بعد أنبيائهم فقال: كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين - الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه الا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم (2) فحمدتم أهل البغي وقلتم: اختلافهم رحمة واقتديتم بالخلاف وأهل الخلاف وصرفت قلوبكم عمن هداه الله لما اختلفوا فيه من الحق باذنه، ويحقق لنا عليكم قول الله:
ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم (3) فاتبعتم أهل الاختلاف واتبعنا من استثناه الله بالرحمة، فلما ضاق عليكم باطلكم ان يقوم لكم بالحجة أحلتم على الله بالتجوير في الحكم من تكليفه كما زعمتم إياكم ما لم يبينه لكم، وعلى نبينا (ص) بالتجهيل في قولكم انه لم يبين لكم الطاعة من المعصية، وعلى أهل الحق والمصدقين لله ولرسوله بالعداوة والبغضاء، وعلى الحق من احكام الكتاب بالعبث والالحاد، وفي كل باب من كتابنا هذا عليكم شنعة ولا مخرج لكم منها فتفهموها.
من ذلكم: انكم نحلتم رسول الله صلى الله عليه وآله والرضا بان يحكم معاذ بغير ما أنزل الله وان معاذا إذا حكم حكما باليمن برأيه حقا، وكان على النبي (ص) في قولكم
Shafi 8