Marubutan Larabawa A Zamanin Abbasawa
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Nau'ikan
23
إليهم، فاجتمع رجال الحي إلى عمه، وقالوا: «كف عنا مجنونك.» فقال: «لا تلبسوني عارا، وأمهلوني حتى أهلكه ببعض الحيل.» فقالوا له: «أنت وذاك.» ثم قال له عمه: «إني آليت أن لا أزوج ابنتي هذه إلا ممن يسوق إليها ألف ناقة مهرا، ولا أرضاها إلا من نوق خزاعة.» وغرض العم كان أن يسلك بشر الطريق بينه وبين خزاعة، فيفترسه الأسد؛ لأن العرب كانت قد تحامت عن ذلك الطريق، وكان فيه أسد يسمى داذا، وحية تدعى شجاعا.
ثم إن بشرا سلك ذلك الطريق، فما نصفه حتى لقي الأسد وقمص مهره،
24
فنزل وعقره.
25
ثم اخترط سيفه إلى الأسد، واعترضه، وقطه.
26
ثم كتب بدم الأسد على قميصه إلى ابنة عمه: «أفاطم لو شهدت ...» ا.ه.
وهذه القصيدة شهيرة متداولة وفق فيها بديع الزمان كل التوفيق، فقد ضمنها دقة الوصف، وجمال التصوير، وأفرغها في قالب شائق، متخير الألفاظ، منسجم التعابير، ولكنها على طبعيتها، وجزالتها، تتناهى سلاسة ورقة ووضوحا، فتجعلك تشك في جاهليتها؛ لأن الشعر الجاهلي مهما سهل ولان، لا يخلو من خشونة البداوة وغموض بعض التراكيب، ولا سيما شعر قيل في وصف الوحوش والإبل والقفار، فإن عاطفة الجاهلي تتصلب في مثل هذه الحالات، فتصلب معها ألفاظه. وبوسعك أن تلتمس أية قصيدة جاهلية شئت، فترى اختلافا بينا في لغتها، إذا اجتمع من أغراضها الغزل، والاستعطاف، أو الرثاء إلى وصف الوحوش والإبل والقفار. ومعلوم أن بشرا من صعاليك العرب، وهؤلاء يعيشون في البراري المقفرة، ولا يخالطون غير الوحوش، فيصبحون من الخشونة على جانب عظيم، وتخشوشن معهم لغتهم. ولنا في شعر الشنفرى وتأبط شرا أمثلة صادقة للغة أولئك الصعاليك. أما قصيدة بشر فحضرية أكثر منها بدوية، وليس ورود بعض الغريب فيها بدليل على جاهليتها، وهو قليل تافه لا تأثير له، لتشتته في أثناء اللفظ المأنوس.
Shafi da ba'a sani ba