Marubutan Larabawa A Zamanin Abbasawa
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Nau'ikan
ولطالما تعرض الشعراء المجددون للضرب والطرد والحبس؛ لأن الخلفاء العباسيين كانوا يؤثرون مسايرة المحافظين على القديم؛ لما يتعلق بهذا القديم من تقاليد دينية وروابط عصبية، وربما اتهم الشاعر المجدد بالزندقة فلا ينجو من العقاب؛ لذلك كان يعتصم بالتقية بعض الأحيان، فيتحدى مذهب الأقدمين ولا سيما في المدح والرثاء، فيقف على الطلول ويبكي الدمن، ويصف ناقته، ويكثر من الغريب؛ ليرضي ممدوحه أو أهل مرثيه، وليظهر لأصحاب اللغة أنه خالط العرب الصرحاء وأخذ عنهم لغاتهم واصطلاحاتهم، حتى استوى لسانه وسلم من العثار .
فإذا أنت درست شعر هذا العصر رأيته يختلف في تجدده ومحافظته باختلاف فنونه وأغراضه، وأكثر ما يظهر لك الجديد من الشعر في الغزل والمجون، والخمر واللهو، ووصف القصور والحدائق، والطبيعة والرياض؛ لأن الشعراء كانوا يصورون في هذه الفنون عواطفهم وأخلاقهم، ويصورون عادات عصرهم وأخلاق أبنائه، وما فيه من ترف وخلاعة، وما تقع عليه عيونهم من جمال مطبوع وجمال مصنوع. وأما في وصفهم القفار والطلول والإبل فيصورون عصرا يختلف كثيرا عن عصرهم، فهم في تجددهم صادقون ينطقون بما يرون ويحسون، وهم في تقليدهم كاذبون مسيرون. (5) أغراض الشعر وفنونه
تعددت أغراض الشعر في هذا العصر وتنوعت بتنوع أسباب الحضارة، ولكنها لم تكن كلها في مستوى واحد؛ فمنها ما كان قويا فضعف، ومنها ما كان ضعيفا فقوي، وأهمل بعض الفنون، وبقي بعضها على حاله، واستحدثت فنون أخرى لم تكن معروفة في الشعر القديم، ولضعف هذه الأغراض وقوتها وإهمالها واستنباطها أسباب نأتي على ذكرها: (5-1) الشعر السياسي
شاع هذا الفن في الصدر الأول للإسلام بين شعراء النبي وشعراء المشركين، ثم ازدهر في الصدر الثاني يوم كانت الأحزاب السياسية تتطاحن، وبنو أمية يصطنعون الشعراء للدفاع عن حقوقهم، ولكنه لم يلبث أن أخذ يتضاءل بعد قيام الدولة العباسية، واعتمادها على السيف في قهر أعدائها؛ فتفككت عرى الأحزاب، فتلاشى بعضها وضعف خطر الآخر منها، كالعلويين والخوارج؛ لانقسامهم وكثرة ما نالهم من التقتيل.
وكان أكثر الشعراء النابهين من الموالي، وهؤلاء لا عصبية لهم في القبائل العربية؛ فيكون لشعرهم السياسي تأثير بليغ كتأثير شعراء الجاهلية والإسلام؛ لأن أولئك كان لهم منزلة رفيعة في نفوس القبائل التي ينتسبون إليها، وفي نفوس القبائل التي تناصبهم العداء، فبنو أمية لم يصطنعوا الأخطل شاعرا سياسيا إلا لأن بني تغلب كانت تقوم وتقعد لشعره، ولأن القبائل المعادية كانت تتضور من هجائه المقذع الأليم، فهيهات أن يكون لشاعر من الموالي مثل هذا التأثير مهما علا قدره في دولة القريض.
ولولا ملاحيات الشعوبية والعرب ، وبقية نضال بين العباسيين والطالبيين،
9
لاضمحل الشعر السياسي، ولكنه على ضعف خطره لم يخل من شر وإقذاع، وخصوصا ما كان من الشعراء الموالي بعد أن قويت شوكة الشعوبيين، فإنهم أخذوا يعيرون العرب وينشرون مثالبهم، وفي شعر أبي نواس أبلغ شاهد على ذلك، ثم ما كان من شعراء الشيعة، فإن بعضهم أسرف في هجاء بني العباس، وأفحش القول في خلفائهم؛ على حين أن شعراء العباسيين كانوا يتورعون من هجاء العلويين؛ ذلك بأنهم أبناء بنت الرسول.
وأشهر شعراء القصر العباسي: مروان بن أبي حفصة، وأبو العتاهية، وأبو نواس، وأبو تمام. وأشهر شعراء الشيعة: السيد الحميري، ودعبل، وديك الجن. (5-2) الغزل والمجون
رأينا في الكتاب الأول كيف نهض الغزل في صدر الإسلام بنوعيه «البدوي العفيف، والحضري المتهتك».
Shafi da ba'a sani ba