وإن الاتحاد يناضل ليتمتع العمال في تونس بحرية تكوين النقابات؛ إذ يستحيل على العامل المنفرد أن يطالب بحقه وأن يرفع عن نفسه الضيم إذا لم يتكتل مع إخوانه، فيكونون قوة تقف أمام قوات الرأسمال الاستعماري.
ويسعى للمحافظة على أكبر حق للعمال وأمضى سلاح عندهم، وهو حق الإضراب الذي يلجأ إليه العمال عند خيبة المفاهمات مع أصحاب العمل، الذين يستمرون عادة في استثمار عرق جبين غيرهم لو لم يتمكن عمالهم من إجبارهم على إعطائهم طلباتهم، وذلك بتعطيل الإنتاج أصلا ووقف العمل.
وإن النقابات هي الضمان الوحيد للعمال لرفع مستوى معيشتهم وزيادة أجورهم على نسبة غلاء المعيشية.
ولا يكون العامل مطمئنا على حياته وحياة أسرته، ما لم تتحقق الضمانات الاجتماعية التي تمكنه من الحصول على التأمين ضد حوادث العمل، حتى إذا ما وقع له حادث أثناء العمل لا تموت عائلته جوعا، وعلى حفظ صحته وصحة أبنائه بأن تكون مداواته على نفقة صندوق الضمانات الاجتماعية، وعلى المنح العائلية التي تمنح له للترفيه شيئا ما على عائلته، أو إمدادهم بالضروريات.
وبما أن المخالفات التي تتعلق بالعمل ليست من خواص المحاكم القضائية؛ فيتحتم إذن للسهر على تنفيذ القوانين النقابية تأسيس نوع خاص من المحاكم تطبق هذه القوانين وتكون كالحكم بين أصحاب العمل والعمال، ويكون من بين أعضائها من ينوب عن الاثنين، وتلك هي المحاكم العمالية التي حصل عليها الاتحاد العام التونسي للعمل بعد صراع دام سنوات، ولكنها لم تكن مطابقة لجميع رغباته؛ لأن الاستعمار يفسد كل شيء، ولا يكون العامل مطمئنا على بقائه في عمله والمحافظة على مورد حياته، إلا إذا التزم صاحب العمل بالتزامات نحوه، وبما أن تلك الالتزامات ليست خاصة بعامل دون آخر، بل تشمل جميع العمال المشتغلين في مكان واحد، أصبحت العقود المشتركة أمرا ضروريا لتحقيق الاستقرار للعمال. (ب) نظام الاتحاد
يكتل الاتحاد جميع العمال بالقطر التونسي؛ أي كل من يرتزق بعمله ويعيش بكد يمينه أو بعمل فكره، ما عدا أصحاب المهن الحرة من أطباء ومحامين وصيادلة الذين حجر عليهم قانون النقابات الانضمام إليها؛ ولذا نجد في الاتحاد العام التونسي للعمل، عامل الميناء وعامل المصنع وعامل سكة الحديد مثلا، وإلى جانبهم الموظف الصغير والموظف الكبير وفراش المدرسة وأستاذ الكلية أيضا، وكلهم منخرطون في صفوفه طبق نظام محكم دقيق.
فجميع العمال في صناعة واحدة أو عمل واحد يكونون في كل مدينة نقابة توحد صفوفهم وتقوم بالدفاع عن حقوقهم، وتتكلم باسمهم مع أصحاب العمل أو ممثلي الحكومة، وتديرها هيئة ينتخبها الأعضاء انتخابا ديمقراطيا، وقد تكونت هكذا في مدن القطر التونسي مئات النقابات: كنقابة عمال ميناء تونس، ونقابة عمال شركة الترام، ونقابة عمال المقاهي والمطاعم، ونقابة المدرسين في المدارس الثانوية ... إلخ.
وفوق النقابات نوعان من جامعات تجمعها، أما النوع الأول فهو الاتحادات الجهوية وعددها 13 اتحادا، يسهر كل واحد منها على تسيير الحياة النقابية بجهتها ويكون كمرجع ومقر أساسي لها، وهي اتحادات تونس وبنزرت والكاف وباجة وسوق الأربعاء وزغوان ونابل والقيروان وسوسة وصفاقس وقفصة وقابس ومدنين.
وأما النوع الثاني فهي جامعات حسب المهن والصناعات، فجميع من يشتغل بالتعليم ينضوي تحت لواء جامعة التعليم، وجميع الموظفين متكتلون في جامعة الموظفين وكذلك عمال السكة الحديدية والمناجم والفلاحة وغيرهم.
وتشرف على الكل هيئة إدارية عليا يختار من أعضائها الهيئة التنفيذية للاتحاد العام التونسي للعمل التي يسيرها الأمين العام للاتحاد.
Shafi da ba'a sani ba